شاعر وقصيدة.. كلمات عن العدوان

الملحق الثقافي-توفيق زياد:

يا بلادي! أمسِ لم نطفُ على حفنة ماءْ
ولذا لن نغرقَ الساعةَ في حفنةِ ماءً

من هنا مروا إلى الشرق غماماً أسودَ
يطأون الزهرَ والأطفالَ والقمحَ وحباتِ الندى
ويبيضونَ عداواتٍ وحقداً وقبوراً ومِدى
من هنا، سوف يعودونَ، وإن طال المدى

هكذا ماتَ، بلا نعيٍ على الرمل شهيدْ
طلقةٌ في رأسه، صيحةُ قهرٍ ووعيدْ
حفرَ القاتلُ في مدفعه رقماً جديدا
ومضى يبحثُ، مثل الذئبِ، عن رقم جديدْ
وعلى بضعة أمتار بكى طفلٌ وليدْ
عندما مرَّ على جبهته السمراء جنزير حديدْ

لا تقولوا لي: انتصرْنا
إن هذا النصر شرٌ من هزيمةْ
نحنُ لا ننظرُ للسطح ولكنا
نرى عمقَ الجريمةْ،
لا تقولوا لي: انتصرْنا
إننا نعرفُها هذي الشطارةْ
إننا نعرفه الحاوي الذي
يعطي الإشارة!
إنه سيّدكمْ يلهثُ
في النزعِ الأخيرْ
إننا نسحبُه، من أنفهِ، سحبا
إلى القبر الحقيرْ
ما الذي خبأتموهُ لغدٍ؟
يا من سفكتم لي دمي
وأخذتم ضوءَ عيني
وصلبتم قلمي
واغتصبتم حقَّ شعبٍ آمن
لم يجرمِ . . .
ما الذي خبأتموه لغدٍ
يا من أهنتم علمي
وفتحتم في جراحاتي جراحا
وطعنتم حلمي
ما الذي خبأتموه لغدٍ
إن غداً لم يهزمِ!

إنكم تحيون من عشرين عاماً
حلمَ صيفٍ ذا رواءْ
وتصيدون لأمر الغير
في بحر دموعٍ ودماءْ
إنكم تبنون لليوم وأنّا
لغدٍ نعلي البناءْ
إننا أعمقُ من بحرٍ، وأعلى
من مصابيح السماءْ
إن فينا نفساً
أطول من هذا المدى الممتدِّ
في قلبِ الفضاءْ

أيّ أمٍ أورثتكم، يا ترى
نصف القتال؟
أي أمٍ أورثتكم ضفة الأردنِّ،
سيناءَ، وهاتيك الجبالْ؟
إن من يسلبُ حقاً بالقتالْ
كيف يحمي حقّه يوماً
إذا الميزانُ مالْ؟

ثم .. ماذا بعدُ؟ لا أدري، ولكنْ
كلُّ ما أدريه أن الأرضَ حبلى والسنينْ
كل ما أدريه أن الحق لا يفنى
ولا يقوى عليه غاصبون
وعلى أرضيَ هذي
لم يعمّرْ فاتحونْ
فارفعوا أيديكمُ عن شعبنا
لا تطعموا النار حطبْ
كيف تحيون على ظهر سفينةْ
وتعادون محيطاً من لهبْ؟

فارفعوا أيديكم عن شعبنا
يا أيها الصمُّ الذين
ملؤوا آذانَهم قطناً وطينْ
إننا للمرة الألف نقولْ:
نحن لا نأكلُ لحم الآخرين
نحن لا نذبحُ أطفالاً ولا نصرعُ ناساً آمنين
نحن لا ننهبُ بيتا
أو جنى حقلٍ
ولا نطفي عيونْ
نحن لا نسرقُ آثاراً قديمةْ
نحن لا نعرف ما طعمُ الجريمةْ
نحن لا نحرقُ أسفاراً
ولا نكسرُ أقلاماً
فارفعوا أيديكمُ عن شعبنا
يا أيها الصم الذين
ملؤوا آذانهم قطناً وطين
إننا للمرة الألف نقول:
لا! وحق الضوء
من هذا التراب الحر
لن نفقد ذرة!
إننا لن ننحني
للنار والفولاذ يوماً
قيدَ شعرةْ!

كبوةٌ هذي وكم
يحدثُ أن يكبو الهمامْ
إنها للخلف كانت
خطوةً
من أجل عشرٍ للأمام!
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج , كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار
ننظف الصحون في الحانات
ونملأ الكؤوس للسادات
ونمسح البلاط في المطابخ السوداء
حتى نسل لقمة الصغار
من بين أنيابكم الزرقاء
هنا على صدوركم باقون , كالجدار
نجوع .. نعرى .. نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال .. جيلاً ثائراً .. وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار , كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا .. ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل .. لا نبخل .. لا نبخل
هنا .. لنا ماض .. وحاضر .. ومستقبل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
يا جذرنا الحي تشبث
واضربي في القاع يا أصول
أفضل أن يراجع المضطهد الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل : … إقرؤوا
ما جاء في الكتاب
===مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في ورق الدّفلى،
وعطر الياسمين
حاضراً في التين، والزيتون،
في طور سنين
حاضراً في البرق، والرعد،
وأقواس قزح
في ارتعاشات الفرح
حاضراً في الشفق الدامي،
وفي ضوء القمر
في تصاوير الأماسي،
وفي النسمة .. في عصف الرّياح
في الندى والساقية
والجبال الشمّ والوديان، والأنهر
في تهليلة أمّ ..
وابتهالات ضحيّة،
في دمى الأطفال، والأطفال ..
في صحوة فجرٍ
فوق غاب السنديان
في الصّبا، والولدنه
وتثنى السوسنه
في لغات الناس والطير،
وفي كل كتاب
في المواويل التي
تصل الأرض
بأطراف السحاب
في أغاني المخلصين
وشفاه الضارعين
ودموع الفقراء البائسين
في القلوب الخضر،
والأضلع،
في كل العيون
مثلما كنت ستبقى
يا وطن
حاضراً ..
كلّ زمانٍ ..
كلّ حين.
مثلما كنت ستبقى يا وطن
حاضراً في كل جرحٍ
وشظيّة
في صدور الثائرين الصامدين
حاضراً في صور القتلى
وعزم الشهداء
في تباشير الصباح
وأناشيد الكفاح
حاضراً في كل ميدانٍ وساح
والغد الطالع ..
من ..
نزف …
الجراح
نحن أصحابك فأبشر يا وطن
نحن عشاقك فأبشر يا وطن
ننحت الصخر ونبني ونعمّر
ونلوك القيد حتى نتحرر
نجمع الأزهار والحلوى
ونمشي في اللهيب
نبذل الغالي ليبقى
رأسك المرفوع .. مرفوعاً
على مرِّ الزمن
نحن أصحابك ..
عشاقك ..
فابشر ،
يا وطن .. !!                            

العدد 1173 – 9 -1 -2024      

آخر الأخبار
ضبط أربع سيارات محملة بمواد متفجرة وعضوية في بصرى الشام العودة إلى "سويفت".. اختبار حقيقي لجاهزية البنية المصرفية التسعير والسوق.. هل حان وقت إعادة ضبط الآلية؟ وحدة كردية أم انحسار استراتيجي؟.. سحب أوراق "قسد" وإعادة رسم التوازنات في دمشق  "أمازون": هجمات سيبرانية إيرانية تمهد لعمليات عسكرية مباشرة نقص حادّ بخدمات البنية التحتية في "بابا عمرو" بحمص  "نقل اللاذقية".. جودة بالخدمات وسرعة في إنجاز المعاملات  بمشاركة وفد أردني و233 شركة محلية ودولية.. انطلاق معرض "سيريا هايتك"  بعد جولته في الجنوب السوري.. نتنياهو يتحدث عن الاتفاق الأمني على منصة "أبو علي إكسبرس"  سوريا تعيد تنشيط بعثتها الدائمة بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتعيّن مندوباً دائماً  تخريج  نحو 500 طالب وطالبة طب أسنان وصيدلة في جامعة حمص  مدير تربية حلب يعد معلمي مناطق الشمال بدعم مطالبهم إدانات سعودية وكويتية لانتهاك سيادة سوريا.. واستفزاز إسرائيلي جديد في جنوب البلاد  الجولان السوري أرض محتلة.. الولاية فيه للقانون الدولي والشرعية حصرية لسوريا    الرئيس الشرع يستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية  ذراع "الكبتاغون" بين سوريا ولبنان.. نوح زعيتر في قبضة الجيش اللبناني أول رسالة عبر "سويفت".. سوريا تعود إلى النظام المالي الدولي    قاضية أميركية توقف قرار إدارة ترمب إنهاء الحماية المؤقتة للسوريين دمشق تستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية وزير العدل يعزز التعاون القضائي مع فرنسا