الثورة – دمشق – علاء الدين محمد:
هناك العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية التي مازالت ماثلة في عقولنا منذ عقود، وليس من السهل نسياها، لأنها تشكل حالة وجدانية عند الناس، لا بل هي انعكاس لواقعنا وآمالنا.
في المركز الثقافي العربي بالمزة أقيمت ندوة تحت عنوان (البرامج الثقافية والفنية ماذا قدمت) شارك فيها كل من مدير قناة سورية دراما الإعلامية أنسام السيد، والإعلامي عمر جمعة والشاعر علي الدندح.
الإعلامي جمعة قال: لابد من التأكيد أن الفن والدراما والنقد جزء مهم جداً من الثقافة وهذه حقيقة لا جدال فيها أبداً، لذلك فإن العلاقة حتمية بين كلا المضمارين، وهو ما سعت إليه الإذاعة والتلفزيون، الذي أولاهما كل اهتمام حتى غدت البرامج الثقافية عموماً والفنية خصوصاً في صلب توجهات الإدارات المتعاقبة، منطلقة من أن هذه التوجهات ستخدم الحاجة الروحية والمادية والمعرفية للمجتمع المستهدف أولاً، بالتعريف بالمنتج الثقافي بحقوله المختلفة الأدب والشعر والقصة والرواية والمسرح والسينما والنقد وصناعة الكتاب، فضلاً عن تفاعل الجمهور السوري أولاً والعربي ثانياً بهذا المنتج الخلاق.
وعلى هذا فإن العقود الستة الماضية شهدت حضوراً مقبولاً في مراحل معينة وجيدة في مراحل أخرى، ومرضية بشكل كبير مع النهضة الدرامية التي شهدتها سورية خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي، بل كرست أسماء تركت بصمة نافرة للمسيرة البرامجية برمتها، فمثلا من البرامج الإذاعية التي رسخت في ذاكرة الكثير نذكر في حقل الشعر على سبيل المثال (الشعر والليل موعدنا) للأستاذ جمال الجيش و(أحلى الكلام) للشاعر توفيق أحمد و(ليل وطرب) للأستاذ عدنان بكرو.
أوضح جمعة أن الأغنية واللحن التي هي جزء من ثقافة الشعب السوري (أسماء ومعانيها) لـ “سمية بلطة” وغيرها من البرامج التي اهتمت بالشعر والرواية والقصة اهتماماً لافتاً، مثل الأديبة نهلة السوسو التي قدمت شرحاً عن العديد من الروايات قبل عرضها بأسلوب يغري المتابع، والعديد من فن الدراما منذ عام ١٩٧٨، ومن البرامج المتنوعة كمجلة التلفزيون ونتذكر هنا الراحل مروان صواف، أيام ع البال.. وإذا غنى القمر.
وفي المسرح أيضاً تجربة الأستاذ نضال زغبور (الريشة والقناة) نلاحظ في تلك البرامج تداخل بين ما هو ثقافي وما هو فني، باعتبار أن الفن هو جزء من الثقافة.
الإنسان السوري يصنع المعجزات
أما الإعلامية أنسام السيد نوهت بأن الثقافة والفن يندرجان تحت كل الأمور الحياتية من السياسة إلى الاقتصاد إلى الاجتماع إلى الفن إلى الحالة النفسية، لأنها تعكس واقعنا وآمالنا وطموحاتنا، خاصة في بلدنا سورية على الرغم من الإمكانات المتواضعة، والظروف القاسية التي نمر فيها.
والشاشة الصغيرة (بالأبيض والأسود) كانت تجمع العائلة الكبيرة، حيث كانت تلون حياة الجميع، فنحن السوريون في الدراما والسينما والمسرح مازلنا نحصد الجوائز على الرغم من كل الظروف، فلا أبالغ عندما أقول الإنسان السوري فعلاً يصنع المعجزات بتقنيات بسيطة.
وقالت: هناك العديد من البرامج المتنوعة ولكن سأتوقف قليلاً عند برنامج (بعد العرض)، وذلك لأنني اعتبره مشروعاً ثقافياً ومشروعاً اجتماعياً إنسانياً وطنياً عربياً انطلقنا به منذ أكثر من ست سنوات، ما ينقصنا ليس هو الفكر السوري لأنه موجود بل ينقصنا فقط الدعم المادي، مع التأكيد أن الدعم المادي ليس كل شيء، فبعض البرامج تكون مخدمة بصرياً، ولكن بمضمون فكري ضحل، لذلك يجب أن يكون هناك توازن بين الفكري والبصري، وفي النهاية ما أريد قوله إننا مستمرون على الرغم من الإمكانات البسيطة بجهودنا الخارقة وتصميمنا وإصرارنا، صامدون على الرغم من انتشار المواقع المختلفة للتواصل الاجتماعي وكثرة المنصات وكثرة الشاشات ونقص الكوادر والحرب الكونية على سورية، وسنخرج من تلك الأزمة منتصرين بإذن الله.
مسؤولية كبيرة
بينما الشاعر علي الدندح تحدث عن برنامج قوافي الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات بعد شهرين، فكرته الوطنية من خلال الشعر والأدب، مضيفاً: كان هناك مسؤولية كبيرة من الشعراء ومن البرامج الثقافية تجاه ما يحدث في سورية طيلة العشر سنوات، وهنا لابد أن أنوه بأن هناك علاقة وثيقة تربط بين البرامج الثقافية وبرامج المنوعات، فهي جزء منها، واليوم الشاعر يجب أن يعرف كيف يختار أن يوظف الكلمة للتاريخ، وألا يستخدمها في مدح فلان أو علان.
بالتالي إذا أردنا أن نصنع برنامجاً ثقافياً فهذا يعني أنه يتطلب الأدوات، وأهمها المذيع المختص، فالبرنامج الطبي يحتاج مختصاً يفهم المصطلحات الطبية، وبدوره يقوم بتبسيط هذه المصطلحات ويقدمها للمتلقي.