الثورة – دمشق – نهى علي:
بدأت ملامح الانفراج تظهر تدريجياً على “مرفق” المناطق الحرة السورية، وهو الوعاء الاستثماري الذي يعكس صورة قريبة لوقائع المشهد الاقتصادي بأبعاده المؤثرة كلها.
ويشير محمد زيتون مدير عام المؤسسة العامة للمناطق الحرة، إلى حزمة أرقام من شأنها أن تفضي إلى قناعات جديدة متفائلة نسبياً على مستوى عودة النمو إلى مختلف مكونات الاقتصاد المحلي.
ويلفت زيتون في تصريح خاص لـ ” الثورة” إلى نمو إيرادات المؤسسة وتطور إجمالي أرقامها خلال العام ٢٠٢٣ المنصرم إلى 268.28 مليار ليرة سورية، في حين بلغت الرسوم الجمركية المستوفاة خلال العام ذاته، أكثر من 78 مليار ليرة، وعدد المستثمرين 682 مستثمراً، ورأس المال المستثمر 386.24 مليون دولار، وعدد العاملين في المنشآت 5630 عاملاً.
وبيّن أن قيمة البضائع والآليات المستوردة إلى هذه المناطق حتى نهاية 2023 /859.11/ مليار ليرة، وقيمة البضائع والآليات المصدّرة من المناطق الحرة 797.64 مليار ليرة.
تفاؤل..
ويعتبر زيتون أن المناطق الحرة تعد إحدى حاضنات النشاطات الاستثمارية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي عبر جذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية، لإقامة استثمارات صناعية وتجارية وخدمية تساعد على تعزيز التبادل التجاري مع الدول و تفعيل حركة الترانزيت، بالإضافة إلى تنشيط حركة المرافئ البحرية وخدمات النقل وتوفير فرص عمل وزيادة الموارد المالية للخزينة العامة.
فالمناطق الحرة – برأيه- مناطق تنموية حقيقية ذات مضمار متنوع وممتد إلى أبعاد واسعة الطيف اقتصادية واجتماعية وتنموية شاملة، أي مناطق استقطاب وتأسيس مجمعات بشرية ذات أنشطة متنوعة ومتكاملة.
ويتفاءل مدير عام المؤسسة بنتائج ما تمّ العمل عليه بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، على مستوى إدارة واستثمار المناطق الحرة وإحداث المستودعات والمخازن لها، لافتاً إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية من شأنها حل مشاكل المستثمرين وتطوير هذه المناطق لتنمية المبادلات التجارية الدولية وجذب الاستثمارات إليها خدمةً للاقتصاد الوطني.
بوابة استثمار واسعة..
هذا و أعدّت المؤسسة العامة للمناطق الحرّة مشروع تعديل لنظام الاستثمار النافذ حالياً بما يحقق الغاية المرجوة من إحداث المنطقة الحرة ويساهم في تحقيق الأهداف، ومن شأن النظام الاستثماري الجديد، تعزيز الدور الاقتصادي والتنموي للمناطق الحرة من خلال تشجيع الاستثمارات المختلفة بما يمكن من دفع العملية الإنتاجية ويساهم في زيادة الصادرات السورية ويحقق المصلحة الوطنية العليا، إضافة إلى مواجهة العقوبات القسرية أحادية الجانب.
ويلفت زيتون إلى أن النظام الاستثماري الجديد يخلق بيئة جاذبة للاستثمار في المناطق الحرة السورية منافسة للاستثمارات في المناطق الحرة المجاورة، وتسهيل وتبسيط إجراءات الترخيص والتعاقد وتسيير معاملات المستثمرين، إضافة إلى جذب رؤوس أموال محلية وأجنبية وتوطين التكنولوجيا والتقنية العالية، وتأهيل وتنمية الكوادر الوطنية، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة ما يسهم في العمل على تخفيض معدل البطالة، والاستفادة من المساحات الشاغرة في المناطق الحرة، وتحقيق إيرادات إضافية لصالح الخزينة العامة للدولة.
نضوج تدريجي للدور والحضور..
ويبدو أن ثمة نتائج بدأت بالنضوج لسعي الحكومة عبر وزارة الاقتصاد والمؤسسة، لترسيخ وتعميق دور المناطق الحرة كواحدة من أهم حاضنات الاستثمار في سورية، وقاطرة للنمو الاقتصادي بغية خلق بيئة استثمارية تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، من خلال السعي لجذب رؤوس أموال تساعد على زيادة قدرتها التنافسية مع مثيلاتها من المناطق الحرة بحيث تراعي تطور العلاقات التجارية وتحريرها في ظل الاتفاقيات المبرمة بين الدول، الأمر الذي يحتاج إلى إحداث تغيير في التشريعات الخاصة بها، وآلية عملها يراعى في ذلك المتغيرات الداخلية والخارجية بهدف الوصول إلى تحقيق الأهداف الأساسية التي أحدثت المناطق الحرة من أجلها وتقديم خدمات توعية للمستثمرين لتعزيز دورها في خدمة الاقتصاد الوطني وتوفير مناخ استثماري جاذب وتشجيع الاستثمارات الصناعية وتوسيع قاعدة الإنتاج بما يساهم في خلق فرص عمل جديدة، والحد من البطالة وزيادة وتنمية المبادلات التجارية.
مزايا ومقومات
وكان مدير ”المناطق الحرّة” لفت في تصريح سابق لـ ” الثورة” إلى استعداد المؤسسة لتقديم كافة التسهيلات والمزايا بهدف جذب استثمارات جديدة إلى المناطق الحرة بما يتوافق مع قرارات الحكومة لتنمية الاقتصاد الوطني ومعالجة كافة الإشكاليات التي تعترض العمل الاستثماري، لاستقطاب استثمارات متنوعة وزيادة الإيرادات، وخلق فرص استثمار جديدة بكافة المجالات الصناعية والتجارية والخدمية.
بقي أن نلفت إلى أن العناية الفائقة بالمناطق الحرة باتت نهجاً عالمياً، تسعى من خلاله الدول للاندماج في تكتلات اقتصادية وشراكات كبرى، باعتبار أن المناطق الحرة كمرفق ذي خصوصية يتمتع بمرونة قانونية وإجرائية ورشاقة خاصة، تتيح التشبيك مع الآخر وفق لائحة مصالح اقتصادية مشتركة.
وقد سعت ” المناطق الحرة السورية” إلى شراكات حقيقية مع اقتصادات صديقة، واستطاعت التأسيس لبنية جاذبة نسبياً للتوظيفات الرأسمالية من الخارج.
من هنا تبدو الأرقام المضطردة نمواً التي ترشح عن المؤسسة العامة للمناطق الحرة، ملمحاً مهماً من ملامح الانتعاش التدريجي للاقتصاد المحلي بعد سنوات من الأزمة والركود الذي خلفته الحرب الإرهابية على البلاد.