في واقع عربي أصبحت مسرحياته أكثر عبثية من مسرحيات جان بول سارتر، وجان جينيه، لايزال المسرح يتفرد بطريقته في التفاعل الحي مع الجمهور، الأمر الذي يخلق تأثيرًا لا ينسى.
كل من عشق المسرح يحتفظ بتلك الذكريات حيث تخفت الإضاءة ويعلو صوت الممثلين على تلك الخشبات التي نشتبك معها في مغامرة فكرية وفنية بعدها لا تستعصي علينا مسارات الحياة حتى حين نمر بانكساراتها.
لم ينج المسرح من التطور التكنولوجي، بل عاش التقاء مع الرقمنة كحال الفنون الأخرى تجسد في العديد من عناصره بدءاً من قلب موازين الخطاب المسرحي والتمرد على صيغته التقليدية، وصولاً إلى تهيئة الفضاء المسرحي، لإدخال المتفرج في عوالم ومتع على مستويات متعددة أبرز من يتحكم بها الاضاءة لتتبدل معها سينوغرافيا العمل فيزيائياً ونفسياً، مما يؤثر في نفسية ووجدان المتلقي.
والأهم العملية الإخراجية بما تضطلع به من دور في تحويل النص إلى منظومة متناسقة من المؤثرات المرئية والصوتية التي تجعل المتلقي منفعلاً ومتفاعلاً معها.
إن ملامح المسرح الوسائطي وفرت للعرض إمكانيات لم تكن متاحة سابقًا، كتلك المتعلقة بمفهومي الزمان والمكان الأمر الذي غير آليات وأساليب العرض المسرحي ومنح العرض إمكانيات إخراجية لانهائية.
ولكن التساؤل الهام، أنه مع كل هذه الإمكانيات الهائلة والأفكار المتسربة إلينا بوفرة، سواء أكانت عبر نصوصنا المحلية أو النصوص الغربية التي اعتدنا الاتكاء عليها في العروض المختلفة التي تحتضنها مسارحنا…
هل انتعشت عروضنا، وهل خشبات مسارحنا مضاءة طيلة العام…؟
ام أنها تقتصر على المناسبات والمهرجانات التي تحتضنها بعض الدول كما حدث مع مهرجان المسرح العربي الذي تحتضنه بغداد بدورته ال(14) بمناسبة يوم المسرح العربي الذي يصادف في العاشر من كانون الثاني كل عام.
وهي مناسبة تحتفل فيها الدول العربية، أملاً في نهضة مسرحية تمتلك كل مستلزماتها، ولكن لازالت تعاني من مشكلات تجعل من الحالة المسرحية تنكفئ على بضعة ملامح لاتزال في أضيق الحدود، لا شيء يومي بانتعاشة تجعل من الحضور المسرحي عادة نعيشها على مدار العام.