«الاعتراف» بنسخته الأميركية

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير-علي قاسم:
لا يغير إقرار الرئيس أوباما بخطأ الاستخبارات الأميركية في تقدير خطر داعش الكثير، بل لا يقدم أي إضافة نوعية على مجرى الأحداث بحكم أنه جاء متأخراً واعترافاً في الوقت بعد الضائع، وإن كان يشكل فرصة لإعادة فتح الصفحات المغلقة والمتراكمة من الأخطاء الأميركية.

فالخطأ ليس في التقدير الاستخباراتي فحسب، بل أيضاً في القنوات التي اعتمدتها السياسة الأميركية لفهم الأحداث والتطورات في المنطقة، وهي التي عانت من القراءة المغلوطة نتيجة غياب رؤية ذاتية تستمد مفرداتها في أغلب الأحيان مما تقدمه أدواتها.‏

حين قررت الإدارة الأميركية فتح زاوية الرؤية القائمة على المعطيات الإسرائيلية توهم البعض أن تلك المسارات الإضافية قد تقدم فهماً أعمق لقضايا المنطقة، ويمكن أن تشمل وجهات نظر أكثر التقاطاً للتفاصيل وفهماً للأحداث التي عانت من أحادية في النظرة, غالت الإدارة الأميركية في تبنيها وتجاهلت كل ما عداها.‏

ما حصل أن الأميركيين كانوا يقلصون زوايا الرؤية بدل أن يعملوا على توسيع دائرتها، وقلصوا قراءتهم الذاتية واستغنوا عن الحضور المباشر وأعطوا لوكلائهم تحريك المصالح الأميركية لتكون على مقاس قاماتهم ومداركهم ومعارفهم وحتى ضغائنهم وأحقادهم، فأنتجت سياسة عوراء قاصرة ومرتبكة.‏

اليوم لا يستطيع الرئيس أوباما بإقراره أن يعدّل الكثير، ولا أن يخلي ساحة السياسة الأميركية من المسؤولية، خصوصاً أن الفعل السياسي الأميركي لم يكن في مجمله منطلقاً من دوائر القرار الاستخباراتي بقدر ما اعتمد على مقاربات سياسية وأمنية لها علاقة مباشرة بتورم واضح في الاعتماد على الأدوات الأميركية في المنطقة، وبات بعضها يتحدث باسم الأميركي ويقرر سلفاً ماذا يريد.‏

الأخطر أن كل تلك المقاربات في نهاية المطاف ليست بوارد تقديم كشف حساب للجمهور الأميركي، ولا هي إعلان توبة من تلك الأخطاء وما راكمته من تداعيات ولا هي في معيار الفهم أو التفهم لصيغ الهيمنة وحالة الاستلاب السياسي، بقدر ما تعكس جملة من الذرائع الإضافية لمهمات اقتضت الضرورة الوظيفية أن تنوء ببعض مما احتضنته شواهد القاع الأميركي في صراع البقاء والتفرد بقيادة العالم.‏

في الشواهد اليومية على خطأ التقديرات الأميركية الاستخباراتية ثمة لائحة تطول، وفي الارتكابات السياسية تتضاعف، ومنها هذا الإقرار المتأخر الذي لا يملي على الإدارة الأميركية حتى التفكير في مراجعة استراتيجية باتت عقيمة وغير نافعة، ولا تقدم ما يكفي من مسوغات لتبرير حالة التجاهل الأميركي للوقائع بقدر ما تُراكم من تحديات ومخاطر لن تكون أميركا خارج حساباتها القادمة.‏

فقد سبق للأميركيين أن اعترفوا بأخطائهم بدءاً من فيتنام مروراً بأفغانستان والعراق وصولاً إلى ليبيا وليس انتهاءً بالتحالف ضد داعش، لكن ماذا قدمت تلك الاعترافات.. هل خفضت عدد الضحايا.. هل منعت تفشي الإرهاب.. هل حالت دون انزلاق المنطقة والعالم إلى حافية الهاوية أكثر من مرة؟!.‏

واليوم ثمة من يطرح إفادة جوهرية في قراءة الموقف الأميركي واتساع دوائر ارتداده على المستويات الإقليمية وتحديداً ما يخص الأدوات والتابعين والأطراف الوظيفية، ومضمونها يقول إن المواقف الأميركية ولو أنها أقرت بالحقائق، فأغلبها يصب في إطار الاستهلاك الإعلامي، والاعتراف الأميركي بالحل السياسي قد يكون بوابة لبالون اختبار، فشل الرئيس أوباما في اصطياد إجابة مقنعة له ولو بالحد الأدنى.‏

فالاعتراف قد يكون ضرورة لكنه لا يكفي، وربما يكون تكتيكياً في فائض النفاق الأميركي، فيما المؤكد أنه بنسخته الحالية فصل جديد من فصول المداورة في الزوايا المغلقة والمفتوحة على حد سواء، بما في ذلك إعادة التموضع في الجبهات التي فتحتها أخطاء السياسة الأميركية في سنواتها الماضية، وتزيد اتساعها مع ما تراكمه من أخطاء وخطايا في تحالفها الهلامي لمحاربة داعش والهوامش التي تتورم فيها مغالطات الإدارة الأميركية.‏ 

 

a.ka667@yahoo.com

 

آخر الأخبار
خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا أهالٍ من حيي الأشرفيّة والشّيخ مقصود: الاتفاق منطلق لبناء الإنسان تحت راية الوطن نقل دمشق تستأنف عملها.. تحسينات في الإجراءات والتقنيات وتبسيط الإجراءات وتخفيض الرسوم نظراً للإقبال.. "أسواق الخير" باللاذقية تستمر بعروضها "التوعية وتمكين الذات" خطوة نحو حياة أفضل للسّيدات تساؤلات بالجملة حول فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الخوذ البيضاء: 453 منطقة ملوثة بمخلّفات خطرة في سوريا تراكم القمامة في حي الوحدة بجرمانا يثير المخاوف من الأمراض والأوبئة رئيس وزراء ماليزيا يهنِّئ الرئيس الشرع بتشكيل الحكومة ويؤكِّد حرص بلاده على توطيد العلاقات مصير الاعتداءات على سوريا.. هل يحسمها لقاء ترامب نتنياهو غداً إعلام أميركي: إسرائيل تتوغل وتسرق أراض... Middle East Eye: أنقرة لا تريد صراعا مع إسرائيل في سوريا "كهرباء طرطوس".. متابعة الصيانة وإصلاح الشبكة واستقرارها إصلاح عطل محطة عين التنور لمياه الشرب بحمص علاوي لـ"الثورة": العقوبات الأميركية تعرقل المساعدات الأوروبية السّورية لحقوق الإنسان": الاعتداءات الإسرائيليّة على سوريا انتهاك للقانون الدّولي الإنساني