الثورة – حسين صقر:
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع المنازل والمحال التجارية بما يسمى حكم المحكمة أو الهبة للغير، وذلك في ظل التعقيدات التي تعيق عملية البيع كالإشعار البنكي وغيرها من الأوراق والإجراءات المطلوبة، لكون الإشعار البنكي لا يسمح بسحب المبلغ المودع لهذا الشأن بنفس اليوم، فضلاً عن ظاهرة الازدحام والانتظار لفترات طويلة لسحب ذلك المبلغ.
من ناحية ثانية وعلى الرغم من أنَّ ملكية العقار مسجلة في السجل العقاري “طابو أخضر” أو سند تمليك، يحدث ذلك عادةً للتهرب من وضع نصف ثمن العقار في البنك ومن ثم صعوبة استرداده أيضاً إلا على دفعات، وعلى مدار فترة طويلة قد تعطل البائع عن شراء أو الاستفادة من المبلغ الحاصل عليه خلال نفس الفترة.
ولهذا، ولغير ذلك، يلجأ بعض الناس للالتفاف أيضاً على عقبات أخرى تواجه البيوع العقارية كالرسوم البنكية وتكاليف رسوم ضريبة البيوع العقارية البالغة نصف ما يسمى القيمة الرائجة، بدلاً عما كان سائداً سابقاً وهو أن تتم عملية البيع في المالية أو السجل العقاري مباشرةً، وفي إطار ذلك رصدت “الثورة” آراء المواطنين.
المواطن سامي الخيمي يقول: إنه اضطر إلى بيع منزله (ملكيته طابو أخضر) بـ”حكم محكمة” كي لا يضع نصف ثمنه في البنك، نظراً لحاجته الملحة للمال لتأمين تكاليف سفر ابنه خارج البلاد.
ويضيف: إذا أردت بيع المنزل وأفرغت للمشتري في الطابو (المصالح العقارية) سأحصل على نصف ثمنه فقط، وسأنتظر فترة طويلة لسحب النصف الثاني من البنك”.
وما حدث مع المواطن المذكور، ينطبق على كثيرٍ ممن يضطرون لبيع منازلهم ومحالهم ويعانون جراء القوانين والقرارات الإدارية التي تعرقل عمليات البيع والشراء، وتزيد من جمود السوق العقاري.
وتقول ندى محمود وهي موظفة في الطابو: إنه في عام 2022، صدر قرار ألزم الجهات العامة المخولة قانوناً بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها، والكتاب العدل، بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً وغير قابل للعزل قبل تسديد مبلغاً قدره 15 في المئة من القيمة الرائجة للعقار عبر الحساب المصرفي للمالك، أما اليوم أصبح خمسين في المئة من تلك القيمة.
وتضيف: إنَّ البعض لجؤوا إلى البيع بـ”حكم محكمة” لصعوبة استرداد نصف ثمن العقار، ونتيجة عدم التزام المصارف بسقوف السحب اليومية، وهو ما يزيد من معاناة البائع في تحصيل ثمن منزله.
وقالت: للبيع بـ “حكم محكمة”، يجب رفع دعوى تثبت عملية البيع من قبل محامي البائع والشاري، والبائع هنا غير ملزم بوضع نصف ثمن العقار في البنك.
من جهته ذكر المحامي علي السعدي أن هناك 4 حالات للبيع وهي: الأولى عقار مرخص ويتضمن شققاً سكنية غير مفرزة، يتم فراغها عبر “حكم محكمة”، والثانية، عقار صاحبه عليه مشكلة أمنية ويريد البيع، وهنا يمكن إتمام العملية عبر قرار “حكم محكمة”.
بينما تتضمن الحالة الثالثة أراضي زراعية على الشيوع، انتشرت الحالة الرابعة وهي بيع منازل طابو أخضر بقرار “حكم محكمة” نظراً لعدم رغبة البائع في وضع نصف ثمن منزله في البنك.
ويشير المحامي السعدي، إلى أنَّ البيع عبر قرار “حكم محكمة” يمر بإجراءات تقاضٍ منها، التبليغ والإقرار بالبيع وإسقاط حق الطعن ودفع رسم السعر الرائج للمنزل، ومن ثم البيع عبر أطراف العلاقة (البائع والشاري) بعقد بيع ينفذ في المحكمة ثم في المصالح العقارية لنقل ملكية المنزل للشاري.
ويتطلب تنفيذ عقد البيع بـ”حكم محكمة” إخراج قيد عقاري وصورة عن البيان العقاري للمنزل المُباع، ومن ثم استخراج قيد مالي وبراءة ذمة من وزارة المالية، وصولاً إلى قرار بيع بحكم المحكمة يثبت عملية البيع وينفذ بالمصالح العقارية.
المقاول مهنا الحسن قال: أدى تنفيذ قانون البيوع إلى كساد سوق العقارات وسبب برفع أسعارها وإيجاراتها، كما تسبب بعزوف عن عمليات البيع والشراء بسبب القيود المفروضة عليها، وارتفاع القيمة الرائجة التي فرضتها اللجان المختصة، ومعها الضرائب التي يتوجب تسديدها، وأضاف بناءً على التقييم الجديد (القيمة الرائجة) سوف يتم اقتطاع الضرائب على أي عملية بيع عقارية، من دون الاعتراف بالقيمة التي يتفق عليها البائع والمشتري.