الثورة – ترجمة ختام أحمد:
ظاهرياً تعلن إدارة بايدن أن الضربات الصاروخية والجوية شبه اليومية على أهداف في اليمن بقصد حماية الشحن في البحر الأحمر، لكن الهدف الرئيس هو الاعتبارات الجيوسياسية وراء هذه الضربات المتعلقة بسلسلة طويلة من التدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة، ورغبة الإدارة الأمريكية والعديد من الإدارات السابقة الأخرى في البقاء كأمة “لا غنى عنها” في العالم وتشكل التزاماً أيديولوجياً حاسماً بمثل هذه التدخلات.
وبالتالي، فإن شن حرب على أعداء محددين في الشرق الأوسط كما هو الحال في اليمن، أو تمكين ودعم حلفاء الولايات المتحدة، مثل “إسرائيل” من تدمير سكان غزة يشكل عنصراً رئيسياً ومميتاً بالنسبة للولايات المتحدة.
وهي إحدى الأفكار الخاصة ذات الصلة بإيديولوجية “اللا غنى عنها” تم تقديمها في وقت مبكر مما يسمى “الحرب على الإرهاب” من قبل إيمانويل تود، ووفقاً لتود فإن الولايات المتحدة تتظاهر بأنها تظل القوة العظمى التي لا غنى عنها في العالم من خلال مهاجمة خصوم غير مهمين.
ولكن أميركا هذه ــ الدولة العسكرية المضطربة، التي تنشر الفوضى الخاصة بها في مختلف أنحاء العالم ــ ليست الدولة التي لا غنى عنها كما تدعي، وهي بالتأكيد ليست ما يحتاج إليه بقية العالم حقاً الآن.
لا ينبغي أن يكون مفاجئاً لأي شخص درس تاريخ الولايات المتحدة (وليس النسخة المطلية التي يروج لها محاربو الثقافة اليمينية) أن الحرب والإمبراطورية كانتا جزءاً لا يتجزأ من ولادة هذه الأمة وتوسعها وهيمنتها العالمية.
لقد أكد الكثير من الذين كتبوا عن التاريخ الطويل لتورط الولايات المتحدة في الحروب حول العالم ، ومع هذا الارتباط العميق الجذور بالإمبراطورية والحرب، ليس من المستغرب أن يتحول هذا الارتباط إلى إدمان. وفي حالة تجار الأسلحة الذين يغذون آلة الحرب وعملياتها الإمبريالية، هناك باب دوار واضح بين البنتاغون والكونغرس وصناعة الأسلحة.
ووفقاً لتقرير مجلس الشيوخ لعام 2022 من بين كبار مقاولي الدفاع الأمريكي، كان هناك ما يقرب من 700 مسؤول حكومي سابق يقدمون “خبراتهم” لأولئك الذين يساعدون في تمكين الإدمان على الحرب والإمبراطورية.
وحتى مع ما يسمى بالإصلاحات في هذا الباب الدوار، هناك الآن قدر أكبر من الوصول وشفافية أقل. ومع استمرار النمو الفاحش لميزانية البنتاغون ـ التي تقترب الآن من 900 مليار دولار (أكبر من نفقات الدفاع في ثماني دول مجتمعة، أصبح الطموح أكبر والإدمان على القتل أكبر .
ومن بين أكبر ست شركات مصنعة للأسلحة في العالم، خمسة منها موجودة في الولايات المتحدة. وهي جنرال ديناميكس، ونورثروب جرومان، ورايثيون (الآن RTX)، وبوينج، وشركة لوكهيد مارتن.
وهم ليسوا فقط دافعين في الولايات المتحدة، ولكن لمدة عشر سنوات حتى عام 2019، بلغ متوسط صادرات الأسلحة الأمريكية حوالي 162 مليار دولار.
وبطبيعة الحال، كانت” إسرائيل” ولا تزال واحدة من أكبر المستفيدين من الصفقات الخاصة والخدمة السريعة، حيث تذبح الأسلحة الأمريكية الصنع الآن عشرات الآلاف من سكان غزة الأبرياء.
هذا الإدمان الفظيع، رغم أنه مفيد للبعض، فهو بالتالي مميت للآخرين، بل ومنهك للأمة بأكملها. إن التصدي لهذا الإدمان ودافعيه مهمة صعبة لا تنتهي أبدًا. ومع ذلك، نحن مدينون للعالم ولأنفسنا بالمساعدة في التخلص من هذه العادة. كلما كان ذلك أفضل .
المصدر – كاونتر بانش