الثورة- عمار النعمة:
لا نأتي بجديد إذا قلنا: إن النقد الأدبي هو عملية تحليل وتفسير وتقييم الأعمال الأدبية، بحيث يركزالنقد على تقييم الجوانب الجيدة والرديئة في النص، أي أنه لا يقتصرعلى البحث عن عيوب النص فقط، بل هنالك أُسس ومعايير يرجع إليها الناقد أثناء تحليله للنص الأدبي. وبما أن النقد صنو للأدب، فهما متلازمان في اتجاه واحد وقد نشأ النقد مع نشأة الأدب، فهو يسير مع الأدب جنباً إلى جنب ، فلا نقد بلا أدب ، ولا أدب دون نقد، إلا أن عملية النقد أحياناً تُعبرعن وجهة نظر القارئ لما يحدث في النص، فقد يرتاح قارئ ما لنص ما، وقد لا تعجبه بعض الأشياء في النص نفسه، فالنص الذي يعد جيداً وجميلاً لقارئ معين قد يكون غير لائق وغير جميل لقارئ آخر… وهنا السؤال هل النقد ضرورة، أم ترفاً ؟
البعض يتصورون أن النقد هو الانتقاد، ويبحثون في النص عن شيء يتيح لهم نقد الكاتب، فهم يفتشون عن جزئيات في النص دون أن يعرفوا دلالتها ومكانتها من الرؤية الكلية التي تهيمن على العمل وهذا النوع هو الرديء في النقد .من هنا نقول:إن كلّ عمل أدبي أو شعري أو قصصي أو روائي يحتاج إلى التقويم وبعض الملاحظات الموجّهة في صالح العمل حتماً بغاية تطويره وتحسينه، فمُنتج العمل من المفترض أن تكون مساعيه منصّبة في الاستئثار برضى الناس وهذا ينطبق، على الأعمال الفكرية والكتابية والإبداعية لأنها الأقرب إلى ملامسة الهموم اليومية والواقعية.
وبالعودة لسؤالنا فنستنتج بأن النقد ليس ترفاً، بل هو ضرورة وضرورة أساسية مكمّلة ومصوّبة للعمل أيّاً كان… فكما نعرف أن علم الجمال في أحد تعريفاته هو «نقد النقد»، أي نقد أو مراجعة الأسس والمبادئ التي يستند إليها الناقد الأكاديمي فالناقد لا يمارس النقد من فراغ، وإنما يمارس النقد بعد أن درس وتمعّن وتثقف بين جميع المدارس التي سيستند عليها في كتابته النقدية بوصفها مرجعاً له .
والسؤال الأهم هنا هل خلت الساحة الأدبية من النقاد؟ بالطبع تعاني الساحة الثقافية من قلة عدد النقاد الحقيقيين الذين يكتبون بصدق كبير حول أي منتج إبداعي، فما نراه في معظم مايقدّم هو عبارة عن قراءة أو عرض لهذا الكتاب أو ذاك دون وجود أي إشارات أو دلالات أو تبريرات لما وجد، وللتصويب ومن خلال تجربتنا نجد أن الدراسة النقدية تعتمد على العلاقات الشخصية، وهذا ليس موضوعياً، فالناقد يكتب عن الأشخاص وليس عن النص على الرغم أن الصحيح بل -المفترض- أن الناقد يجب أن يكتب دون معرفة الكاتب بل من خلال معرفته أو اكتشافه للنص الذي على أساسه يبني مادته النقدية ،وبالتالي لكي نصل إلى نقد دقيق وصحيح يجب أن نتعامل مع النص وليس كاتبه، وأن نبحث عن الناقد، ونحدده وأن نتساءل:
-هل يملك الشفافية المفترضة في مسألة النقد؟.
-وما هي أهم الصفات المفترضة في الناقد في مساره النقدي؟.
أسئلة كثيرة تدور حول هذه المسألة المهمة إلا أننا نؤكد أننا نؤيد جميع الانتقادات البناءة التي لاتحيد عن مسارها من أجل شخص أو مصلحة ما، فرغم كلّ ماتحدثنا عنه فالساحة لاتخلو، فمازال هناك عدد من النقاد الذين يضطلعون بدورهم الأصيل في متابعة الأعمال الإبداعية وممارسة دورهم المنوط بهم في الكشف عن جماليات الأعمال الأدبية وإلقاء الضوء عليها ،بمعنى آخر نحن مع النقد الموضوعي المحايد والأكاديمي وليس المجاني، فهذا هو المعوّل عليه، وهذا مانصبو إليه لكي نرقى بأدبنا وأدبائنا الذين نعتز ونفخر بهم.