الثورة – حسين روماني:
تدخل الفنانة الشابة سيرين الهاجري المشهد الدرامي السوري بخطواتٍ واثقة، حاملةً ملامح جيلٍ جديدٍ يحاول أن يجد لغته الخاصة وسط زحام الوجوه.
في «عيلة الملك»، العمل الجديد للمخرج محمد عبد العزيز، تخوض أولى تجاربها الاحترافية بعد تخرّجها من جامعة المنارة، مجسِّدةً شخصية «نور» التي تنتمي إلى عالم الناس البسطاء. في حديثها، تتكلم سيرين بصدقٍ يشبه بداياتها، وتتأمل تجربتها الأولى بعينٍ منفتحة على النقد، وتراهن على حضورٍ لا يريد أن يكون عابرًا. ما الذي تبحث عنه ممثلة شابة في بداياتها؟ وكيف ترى نفسها أمام الكبار وفي قلب عملٍ يلامس تاريخ السوريين القريب؟ الثورة التقت الهاجري في أحد مواقع تصوير المسلسل في حي المزة القديمة بدمشق، وكان الحوار التالي:
– قبل أن نبدأ بالحديث عن «عيلة الملك»، كيف تصفين بداياتك قبل التخرّج؟
“كانت لديّ بعض المشاركات الصغيرة، لكنني أعتبرها تجارب تدريبية أكثر من كونها أعمالًا حقيقية. لم تقدّم لي سوى أنني تعلّمت خلالها كيف أتعامل مع الكاميرا، وكيف أتصرف في موقع التصوير، وكيف يعمل الفريق الفني، كانت مرحلة تعلّم ومراقبة.أما الآن، فبعد الدراسة الأكاديمية، أعتبر نفسي بدأت فعليًا طريقي المهني، ومسلسل «عيلة الملك» هو أول خطوة حقيقية لي بعد التخرّج”
– من هي “نور” التي تقدمينها في المسلسل؟
“هي فتاة فقيرة، عاملة بسيطة، تبحث عن لقمة العيش بشرف. تعيش مع شقيقها بعد وفاة والديها، وتحاول أن تبقى مسالمة رغم قسوة الحياة، لكنها تتعرض لاستغلال إنساني مؤلم بسبب ضعفها وثقتها بالآخرين، تمرّ بحدثٍ كبيرٍ يهزّ عالمها الداخلي، فتجد نفسها أمام مفترق طرق: إمّا أن تواجه مصيبتها بقوة، أو تخضع لأوامر أخيها وتنكسر.الشخصية تشبه نساءً كثيرات نعرفهنّ في حياتنا اليومية، وهذا ما أحببته فيها، صدقها وإنسانيتها.وبشكل عام، يتحدث العمل عن استغلال الدولة لأصحاب الأموال من خلال فرض الأتاوات، ويسير بطريقين متوازيين: الأول يتناول عشوائيات العاصمة وما فيها من فقرٍ مدقع، والثاني يسلّط الضوء على التجار وأصحاب الأموال وقبضة النظام البائد الممسكة بهم وبأموالهم دون شفقة أو رحمة. ومن هذين الخطين تتشعب الحكاية حتى نصل إلى الحارة التي تعيش فيها نور”.
– كيف كان العمل مع المخرج محمد عبد العزيز في أول تجربة احترافية لك؟
“أول كلمة تخطر ببالي عندما أذكر الأستاذ محمد عبد العزيز هي “المرهف”، هو مخرج حساس جدًا في تعامله مع الممثلين، ويدرك كيف يوجّه ملاحظاته دون أن يحرج أحداً، خاصة الممثلين الجدد، لم أره غاضباً في موقع التصوير، بل دائم الهدوء والاحترام.العمل معه مريح وملهم في الوقت نفسه، وأنا سعيدة جدًا بهذه التجربة. حتى إنني أبقى أحيانًا في موقع التصوير بعد انتهاء مشاهدي لأنني أستمتع بالأجواء وأراقب وأتعلّم أيضًا”
– تقفين في هذا العمل أمام أسماء كبيرة مثل غزوان الصفدي، ديما بيّاعة، ورنا ريشة. كيف كان شعورك؟
“بصراحة، لم أنم ليلة علمت أن الأستاذ غزوان الصفدي سيكون شريكي في المشاهد. أخبرته بذلك وضحكنا كثيرًا، لأنني أراه ممثلًا مهمًا جدًا. شعرت برهبة كبيرة، لكن أيضًا بحماسٍ شديد.أما الفنانتان ديما بيّاعة ورنا ريشة فهما في غاية اللطف، وداعمتان بشكلٍ حقيقي. الجو في موقع التصوير مليء بالمحبة والاحترام، وهذا يمنحنا طاقة إيجابية نادرة في مواقع العمل الفني”.
– هل تراهنين على أن يترك دورك أثرًا لدى الجمهور؟
“أتمنى ذلك، العمل شعبي قريب من الناس، يسلّط الضوء على حياة الفقراء في الحارات التي لا تُرى عادة. وهذا هو جوهر الدراما برأيي: أن تضيء على وجع الناس، إذا نجح العمل في ملامسة مشاعرهم، فبالتأكيد سيتذكرون شخصيتي، وهذا ما أرجوه”
– بعض الممثلين الشباب يلمعون بسرعة ثم يختفون، ألا تخافين من ذلك؟
“بالتأكيد هذا الموضوع يأخذ حيّزًا كبيرًا من تفكيري، أن يلمع اسمك في عملٍ هو أمر جميل، لكنّ التحدي الحقيقي هو الاستمرارية. وجودي مع نجوم كبار جعلني أبذل كل طاقتي، لكنه جعلني أيضًا أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه المستقبل، ما أخشاه هو أن أثبت نفسي ثم أختفي بسبب غياب الفرص، لذلك أعمل على تطوير أدواتي باستمرار حتى أستحق البقاء”.
– ما الذي تتمنينه بعد هذه التجربة؟
طأتمنى ألا يكون «عيلة الملك» محطةً عابرة، بل بدايةً حقيقية. أريد أن أكون ممثلةً حقيقية قبل أن أكون نجمة، الشهرة وحدها لا تعنيني إذا لم ترافقها موهبة تُقنع الناس، هدفي أن أقدّم أدواراً تشبه الناس وتحاكي أرواحهم”.