“أحلام المدينة” بين الصدمة وإغواء المكان

الثورة – فؤاد مسعد:

يُعرض الفيلم الروائي “أحلام المدينة” للمخرج محمد ملص يوم غد الثلاثاء بدير الآباء اليسوعيين في حمص، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما “1983”، تأليف مشترك بين محمد ملص وسمير ذكرى.

تدور أحداثه في فلك خمسينيات القرن الماضي، بكل ما تذخر به تلك المرحلة من أحداث وتحولات سياسية واجتماعية، حيث نتابع الفتى الصغير “ديب” القادم إلى دمشق بعد وفاة والده، والذي يبدي انبهاراً بمدينة أحبها محاولاً التسلل إلى تفاصيلها اليومية، هذه التفاصيل التي تنكشف رويداً رويداً وكأن عينه توثق للمرحلة بكل تداعياتها على المجتمع، هو تاريخ بصري يلامس حالة السيرة الذاتية لمخرج الفيلم محمد ملص.

لا يلبث أن يُصدم بقسوة الواقع ما ينعكس على براءة الطفولة لديه، والتي يوظفها الفيلم لإعادة تعريف العلاقة بين الذاكرة والمكان، فيُقدم المدينة كما يراها ديب، هو ينظر بعين المراقب للتفاصيل التي تشكل في مخزونه خريطةً رمزية لمدينةٍ لم تعُد تتيح لأحدٍ أن يحلم، حيث ترتطم أحلامه بعنف يومي يواجهه في كل مكان، وفي لحظة يبرز فكره الطفولي والفارق بينه وبين والدته، هو يُبهَر بسحر المدينة في حين تعبّر أمه عن الخوف منها.

تعكس المدينة عبر أركانها في الفيلم حالة من التسلط، مُظهرة العنف الذي بات اعتيادياً، إن كان في الشارع أو المدرسة أو المنزل “حين ضُرِب ديب”، حتى أنها لم تعد تبدو فضاء مفتوحاً وإنما فضاء رقابياً، فالكاميرا تحصر زوايا التصوير بنظر الطفل، وكأن المدينة لا تُتاح للنظر بشكل كامل، اللقطة مُقيّدة بسقفٍ أو جدارٍ أو نافذة.

والنقص المتعمّد في الرؤية الشاملة يعكس رؤية رمزية للمدينة من منظور “القمع”، حيث لا يُسمح للعين أن تتجوّل بحرية.

هذه الرؤية تنجر إلى العلاقات حتى داخل الأسرة، فحتى في لحظات الانكسار لا يقدم الفيلم الأم على أنها الحامية المنقذ لابنها وإنما الشاهدة، وكأن وظيفتها لم تتعد التوثيق الصامت.

على الرغم من اتجاه الفيلم نحو الشاعرية في وصف دمشق والحيــاة اليومية في حارتها، إلا أنه أظهر المشاعر المضطربة التي تنوس بين الحب والعنف والأحلام التي تتهاوى، لكن المخرج حوّل الحلم من حالة داخلية هشّة إلى فعل رمزي مقاوم، يعيد من خلاله تشكيل العلاقة بين الذات والمجتمع.

شكّلت الصورة المقدمة في أحد أوجهها أرشيفاً شعورياً، يحمل طبقات من الخوف والارتباك والأمل والخذلان، الأمر الذي تجلى حتى عبر إيقاع الفيلم والضوء وحركة الجسد، فالمدينة هنا ظهرت وكأنه يُعاد إنتاجها شعورياً وسردياً من خلال نظرة الطفل واضطراباته.

سبق لفيلم “أحلام المدينة” أن حصد مجموعة من الجوائز الهامة، منها خمس جوائز في مهرجان أيام قرطاج “1984”، هي “التانيت الذهبي، جائزة السيناريو، جائزة أفضل ممثلة ياسمين خلاط، جائزة التمثيل الخاصة للطفل باسل الأبيض، جائزة الصحافة، جائزة اليونسكو، مهرجان كـان، جائزة النقاد العرب، جائزة المجلس العالمي للسينما والتلفزيون، النخلة الذهبية في فالنسيا، والجائزة الأولى في مهرجان باستا”.

وعد الفيلم عام 2013 من بين العشرة الأوائل في “قائمة أفضل مئة فيلم عربي”.

آخر الأخبار
نحو مجتمع رقمي آمن ..التشهير والتهديد جرائم يعاقب عليها القانون جامعة دمشق في عين العاصفة.. دروسٌ قاسيةٌ من حادثة كليّة الآداب توريث الحب نصيبنا من الخبز والشِّعر المرافئ تستعيد دورها الاستراتيجي وتفتح أفقاً جديداً للتعافي الاقتصادي أنقرة ودمشق تبحثان تعزيز التعاون الأمني والعسكري وتؤكدان وحدة المصير سوريون في المهجر يحتفون بإلغاء قيصر إدلب تطلق حملة واسعة لضبط المخالفات المرورية والدراجات النارية الدراجات النارية في قفص الاتهام.. سرقة الحقائب في حلب خطر يتصاعد! مَحَال حلب الأثرية.. أسطورة الصمود التي لا تنكسر ركلات الجزاء كابوس النجوم في تصفيات كأس العالم 2026 المغرب وفرنسا في نصف نهائي مونديال الشباب غانا تخطف بطاقة التأهل إلى موديال 2026 نجم كرواتيا قد يموت في أي لحظة سيناريوهات التأهل لمونديال 2026 تُشعل الملحق الآسيوي قبل جولة الحسم ميسي يضيف رقماً قياسياً جديداً إلى سجله انتخابات اتحاد الكرة بين الحالة الصحية والرغبة السلطوية هل يدرب (لانا) أولمبي كرتنا؟.. مصير مجهول وتحضيرات مبهمة قبل النهائيات بين سوء الفهم وسوء النية.. الكرة السورية تستعيد روحها من خلال انتخابات قادمة السويداء "منا وفينا": حملة وطنية تتجاوز الألم وتعيد بناء الثقة