“الأشباح” رجل على درب جلاّده

الثورة- أحمد صلال – باريس:

“آدم بيسا” الممثل الرئيسي الاستثنائي، يُقدّم قصةً تسعى إلى تحقيق العدالة للسجناء السياسيين، وبشكلٍ أعم، لجميع المختفين في سوريا. يُقدّم المخرج جوناثان ميليه عملاً مُفيداً في سياقٍ كانت تتجه فيه وسائل الإعلام إلى نسيان المصير المُريع للشعب السوري.

حامد عضو في منظمة سرية تلاحق مجرمي الحرب السوريين المختبئين في أوروبا. تقوده مهمته إلى ستراسبورغ بحثاً عن جلاده السابق. هناك أنفاس هؤلاء الرجال المحبوسين في شاحنة، ربما كان قطاراً يختنق فيه ضحايا البربرية النازية، لكن في الواقع إنها شاحنة عسكرية تُبدّد السجناء السياسيين في الصحراء السورية. لا يروي فيلم “أشباح” الرحلة المأساوية لمرشحي المنفى في فرنسا، هو يروي قصة وصول شاب يُدعى صالح إلى ستراسبورغ، والذي نجح في اجتياز مراحل الاعتراف به كلاجئ سياسي في ألمانيا، والرجل موجود هناك لأنه يبحث عن قريب مفترض، والذي قد يكون في الحقيقة أحد معذبيه من سجن صيدنايا. وهكذا، يركز الفيلم الوثائقي على متابعة التحقيق مع الشاب، الجاسوس رغماً عنه، من أجل الكشف عن الهوية الحقيقية للرجل الذي يُزعم أنه عذبه.

تُعاني الشاشات الفرنسية من نقصٍ حادٍّ في الأفلام التي تتناول القضية السورية، بعد أن حلّ محلّها للأسف مواد سياسية أحدث، مثل حرب “أوكرانيا”. لذا، يُقدّم مشروع جوناثان ميليه نفسه في الوقت المناسب، ويُقدّم نفسه كعملٍ مؤثر. تستكشف القصةُ التركيبَ المُعقّد لرجلٍ في فرنسا، تُطارده شياطين الماضي وصدمات الحرب، وسعيه اليائس لتحقيق العدالة، ومن المعروف أن السلطات الإدارية، بين طالبي اللجوء، تُخدع أحياناً بمرتكبي جرائم الحرب الذين يأتون لإنقاذ أنفسهم بعد قتل الأبرياء. لكن طالب الكيمياء الذي يلاحقه صالح قد لا يكون هو نفسه من يرغب في التعرف عليه.

نرى بطل الرواية يشك، خاصةً عندما تسيطر عليه كوابيس قصته، يتجول في أروقة مكتبة بستراسبورغ، يعيش كظل، لا يهتم بالاندماج مع الآخرين بقدر ما يهتم بكشف حقيقة مرتكبي جرائم الحرب لصالح كيان يعمل في أوروبا. يرسم فيلم “أشباح” وصفًا مُقلقاً للقضية السورية، حيث ندرك أن اللاجئين ما زالوا يعيشون في خوف وانعدام ثقة بالآخر. يجسد الممثل الرئيسي “آدم بيسا”، ببراعة شخصية هذا الجاسوس المُعذب، المُمزق بين ماضيه وشعوره بالتعاطف مع جلاده.عنوان “الأشباح” ملائمٌ جداً.

فهو يُجسّد لطالبي اللجوء تجريدهم من هويتهم الذي يُضفيه الاعتراف بوضع اللاجئ، ويُظهر في الوقت نفسه الأرواح التي تملأ المدن، والتي قد تكون جميعها في جانب أو آخر، في بلدانٍ استعرت فيها فظائع الديكتاتورية. في نظرة “جوناثان ميليه” حِدَّةٌ حقيقيةٌ في إدراك واقعٍ تهتزّ بفعل المواقف السياسية والشخصية لكلٍّ منهم، وأخطاء التاريخ. بهذا المعنى، يُضاعف الفيلم وجهات النظر حول فهم الصراعات التي تُخنق العالم، بدءاً من سوريا حيث يبدو المخلوع بشار الأسد كان مُعقّدًا في إدراكه، حيث تعرض الشعب لاضطهادٍ وحشي.”أشباح” الفيلم المؤثر الذي عرض في مهرجان “كان” عام 2024، مُخرجٌ ببراعةٍ من خلال المشهد الداخلي للشخصية الرئيسية، وبقايا ذاكرة سوريا، والأماكن التي زارها في أوروبا أو لبنان. يُذكّر الفيلم الروائي، أكثر من أي وقتٍ مضى، بضرورة عدم نسيان الدراما التي كانت تتوالى يوماً بعد يوم في حلب وغيرها، تحت وطأة الاستبداد.

آخر الأخبار
التشاركية بالقرار شعار المرحلة صناعيون: بعض القوانين منفرة للاستثمار حفر وتأهيل 31 بئراً لمياه الشرب في درعا نحو زراعة عضوية مستدامة لخدمة الإنتاج المحلي بحلب "الدرونز" على خط الحلول الاقتصادية للأزمات الزراعية خبير حقوقي: مشروع قانون الخدمة مصدر إرباك للجهاز الإداري تفعيل مجالس أولياء الأمور.. خطوة لتعزيز الشراكة بين الأسرة والمدرسة 66 ألف طن قمح وشعير خطّة "إكثار البذار" هل تحل الدبلوماسية ملف ودائع السوريين في لبنان؟ المسنّون.. تاريخ طويل من العطاء.. كيف نحافظ على توازنهم النفسي؟ مستقبل سوريا يشرق من حقول الريف تعزيز التعاون من أجل تحقيق أثر إنساني مستدام 563 مليون دولار حقوق سحب لسوريا مجمدة بسبب العقوبات مؤسسة سلام التطوعية .. برامج توعوية وخدمات طبية متنوعة الحصبة لاتنتظر.. لا طفل خارج نطاق اللقاح نحو مجتمع رقمي آمن ..التشهير والتهديد جرائم يعاقب عليها القانون جامعة دمشق في عين العاصفة.. دروسٌ قاسيةٌ من حادثة كليّة الآداب توريث الحب نصيبنا من الخبز والشِّعر المرافئ تستعيد دورها الاستراتيجي وتفتح أفقاً جديداً للتعافي الاقتصادي أنقرة ودمشق تبحثان تعزيز التعاون الأمني والعسكري وتؤكدان وحدة المصير