هــل تكفــي روايــةٌ واحــدة.. ليصمــت المبــدع بعدهــا؟!

الثورة- هفاف ميهوب:
عندما سُئل أديب روسيا الكبير “تولستوي” عن السبب في كونه قليل الإنتاج، وبطيء القراءة والكتابة، أجاب: “إنني لا أقرأ، وإنما أدرس وأبحث وأتأمّل في كلّ سطرٍ أقرؤه، وعندما أجلس لأكتب، أحرص على كتابة الفقرة الأولى أربع مرّاتٍ.. في المرّة الأولى أضع المعنى، وفي الثانية أضيف ما كنت قد استبعدته في المعنى، وفي الثالثة أستبعد ما أراه غير لازمٍ أو ضروري، وأخيراً أضع العبارة في صيغتها النهائية”.
أجاب “تولستوي” بذلك، ذات اجتماعٍ عقده أدباء روسيا، ممن ردّ أيضاً، وعلى من وصفه منهم بالسلحفاة:
“ربّما، لكن لا تنسوا سباقها مع الأرنب الذي سخر منها في غرورٍ، فإذ بها تصل قبله إلى نهاية الشوط”.
لا شكّ أنها طريقته، بل وقناعته التي لم تمنعه، من بلوغ ما سعى إليه من الكمال الإبداعي.. هي أيضاً طريقة كُثر من أدباءِ العالم، ولاسيما من قدموا عملاً واحداً، كان سبباً في شهرتهم وعالمية إبداعهم الروائي.
“ذهب مع الريح” إحدى هذه الأعمال، وقد استغرقت الكاتبة والأديبة الأمريكية “مارغريت ميتشل” نحو عشر سنوات في كتابتها، وكانت قد بدأت بها، بعد أن أصيبت بكسرٍ في قدمها، ألزمها الفراش وألهمها قتل الضجر الذي استشعرته في وحدتها.
تُرجمت الرواية إلى عدّة لغات، وحصدت الكثير من الجوائز، وحوِّلت إلى فيلمٍ، احتلّ مكانةّ كبيرة في الأوساط السينمائية العالمية.
من هذه الأعمال أيضاً “بيدرو بارامو”، الرواية التي كتبها الأديب المكسيكي “خوان رولفو”، والتي لم تكن عظيمة لدى النقاد فحسب، بل ولدى أدباء كُثر، منهم الكولومبي “ماركيز” الذي قال عنها، وبعد أن قرأها مرّتين، بإنها فتحت له أبواب الواقعية السحرية.
لم يكتب “رولفو” سوى هذه الرواية، ولدى سؤاله عن السبب، أجاب: “اليوم، حتى مدخّني المارجوانا ينشرون كتباً، لقد صدرت مؤخّراً كتب غريبة، وأنا افضّل أن أبقى صامتاً”.
ننتقل إلى الرواية الأشهر في العالم، والتي أثارت ضجة كبيرة، ولاسيما في الأوساط الثقافية والسينمائية الأميركية. رواية “لاتقتل عصفوراً ساخراً” التي عالجت الأديبة الأمريكية “هاربر لي” فيها، قضية الفصل العنصري التي عاصرتها في طفولتها ببلدتها.. القضية التي مثلما شغلت يوم حدوثها، الرأي العام الأميركي، شغلته بعد الرواية التي كانت عملاً نادر الحدوث، في الوسط الأدبي والثقافي..
رغم أن هذه الرواية تُرجمت إلى لغاتٍ مختلفة، ونالت جوائز عديدة، حصدها أيضاً الفيلم الذي جسّد أحداثها، إلا أن مؤلّفتها اعتزلت الكتابة بعدها، خشية عجزها عن كتابة أفضل منها، وقد كان يقينها: “النصر ممكن أحياناً، رغم أن ذلك يحدث نادراً”.
حتماً، تختلف أسباب الكاتب وقناعته والظروف التي تدفعه لتقديم أعمال كثيرة أو قليلة، أو حتى عمل واحد، وإن كان ما منع “ميتشل” من الاستمرار في الكتابة، حادث سيرٍ أودى بحياتها، و”هاربرلي” خشيتها من الفشل، إن كرّرت تجربتها، فإن ما جعل الكاتب والأديب الفرنسي الشهير “مارسيل بروست” نادر الأعمال الأدبية، بحثه عن الزمن الذي قضاه بين جدران غرفته، بعيداً عن الناس والأصدقاء، بسبب مرض الربو الذي جعله ينفرُ من كلّ مايسبّب له الحساسية.
أيضاً، ورغم تفاقم مرضه وحساسيته، أبدع في “البحث عن الزمن المفقود” التي كتبها خلال عزلته.. الملحمة المؤلفة من سبعة أجزاء، استغرق في كتابتها ما يقارب الأربعة عشر عاماً، والتي اعتُبرت من أعظم أعمال القرن العشرين في العالم، لتكون شهرتها الأكبر بعد رحيله، وقبل أن يكمل الجزء السابع منها، ودون أن يؤثّر ذلك، على بقاء هذا العمل، متفرّداً في شهرته وقيمته.

آخر الأخبار
بالتعاون  مع "  NRC".. "تربية" حلب تنهي تأهيل مدرسة سليمان الخاطر مزايا متعددة لاتفاقية التعاون بين المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين تعزيز التعاون السوري – الياباني في مجالات الإنذار المبكر وإدارة الكوارث   تطبيق السعر المعلن  تطبيقه يتطلب مشاركة التجار على مدى يومين ...دورة "مهارات النشر العالمي" في جامعة اللاذقية مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الرئيس الشرع في “60 دقيقة.. الشرع يقدّم نموذج القيادة السورية: صراحة في المضمون وحنكة في الرد إعادة الممتلكات المصادرة  لأصحابها تعيد الثقة بين الحكومة والمواطنين افتتاح مشروع لرعاية أطفال التوحد ومتلازمة داون بمعرة مصرين "تموين حلب" تبحث ملفات خدمية مشتركة مع "آفاد" التركية من دمشق إلى أنقرة... طريق جديد للتعاون مشاركة سورية في حدث تكنولوجي عالمي بعد غياب لسنوات إعلام بريطاني: خطة ترامب هشة وكل شيء اختفى في غزة جائزة نوبل للسلام.. من السلام إلى الهيمنة السياسية هل يستطيع ترامب إحياء نظام مراقبة الأسلحة الاستراتيجية؟ منطقة تجارية حرة.. مباحثات لتعزيز التعاون التجاري بين سوريا وتركيا التنسيق السوري التركي.. ضرورة استراتيجية لمواجهة مشاريع التقسيم الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في إطار تنفيذ اتفاق غزة بين دمشق وبرلين.. ملف ترحيل اللاجئين يعود إلى الواجهة الخارجية تفعّل خطتها لتطوير المكاتب القنصلية وتحسين الخدمة للمواطنين