قد يقول قائل من أصحاب الدخل اللامحدود والنظريات الاقتصادية المثقوبة لا الثاقبة والجهابذة المحللين، إن كلمة السر المفتاحية للتحكم بالأسعار هي بيد المستهلك “فقط” من خلال ترشيد الشراء أو الاستهلاك، والتحرك وبشكل مدروس على تقليل الطلب في ظل ارتفاع العرض ما يؤدي حكماً “طبعاً من وجهة نظرهم الخاصة جداً” إلى إجبار لصوص الأسواق على تخفيض أسعار المواد الأساسية والسلع الضرورية، دون أن يأتي أي منهم على ذكر “لا تلميحاً ولا تصريحاً” أن المواطن وتحديداً صاحب الدخل المحدود جداً جداً اضطر مجبرهاً منذ أشهر إن لم نقل سنوات للهروب من تحت دلف هيستريا ولهيب “وجنان” الأسعار، إلى تحت مزراب تسوق منتجات ومواد أقل سعراً، وأقل جودة، وأقل سلامة، وأقل غذاء وصحة.
هم يتحدثون وينظرون، وكأن المستهلك أو الصائم يملكان ملاءة مالية تمكنهم “بكل يسر وسهولة” من شراء 40 بالمئة فقط لا 100 بالمئة من الخضار والفواكه واللحوم والزيوت والسمون، وتحضير مائدة رمضانية تضم كل مالذ وطاب لأسرهم وضيوفهم من أحبة وأصدقاء وأقرباء وجوار، لكنهم “المستهلك أو الصائم” يريدون شراء كل ما يحتاجون إليه بأسعار مقبولة ومعقولة لا مجنونة، وبهوامش ربحية أحادية لا عشرية لا مئوية، تمكنهم من شراء حلويات ومرطبات ومكسرات وكساء عيد الفطر لهم ولزوجاتهم وأولادهم وأحفادهم، من الفوائض النقدية التي يدخرونها شهراً من راتبهم المقطوع “أصلاً”.
نعم، كل ما سبق ذكره كان ضمن عنوان “كان يا ما كان” قبل الحرب الكونية على سورية وما تبعها من عقوبات ظالمة وحصار جائر ..
كل ما سبق كان ضرباً من ضروب الحقيقة لا الخيال، تماماً كما حال بورصة أسعار شريحة غير هينة من تجارنا وباعتنا التي تخطى مؤشرها حدود المألوف والمعقول والمقبول بأشواط وأشواط، وتخطت قدرة أصحاب الدخل المحدود جداً جداً بكثير، على مجاراتها ولو 10 بالمئة.
هذا الإرهاق الساعي للمستهلك والصائم هو الذي دفعهم اليوم إلى مطالبة الأذرع التنفيذية الرقابية الحكومة إلى عيدية من نوع خاص، “عيدية ماقبل العيد” عنوانها لجم حالة الفلتان السعري، من خلال المراقبة الجدية، والمحاسبة الصارمة، لكل لص من لصوص الأسواق عد أو سيعد العدة للمتاجرة بلقمة عيش أسرهم خلال شهر رمضان المبارك، المتعارف عليه شهر التآخي والتقوى والتعاضد والرحمة.. لا شهر الابتزاز والاستغلال.