قوة رمضان

في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يبارك وزير في دولة أجنبية للمسلمين في بلاده، وفي أنحاء العالم، حلول شهر رمضان، ويتحدث عن تجربته الشخصية في صيام الشهر الفضيل وانطباعاته عنها.

التجربة، كانت دعماً لمشروع خيري يحمل عنوان (العطاء 30)، تقوم على فكرة إعطاء النقود التي يوفرها الصيام اليومي لمن هم أكثر حاجة عن طريق الجهات التي توفر الطعام للمحتاجين على وجه الخصوص، ويذكر أن معرفة معنى الجوع كانت، بالنسبة له، تجربة لا توصف، وبطبيعة الحال تسنى له أن يفطر في نهاية اليوم، ولكن بالنسبة لكثير من الأطفال في بلد هو حول العالم فإن «هذا الإفطار لا يأتي أبداً، يتوجب عليهم أن يصمدوا خلال اليوم محاولين أن يتعلموا، وأن يعدوا أنفسهم للمستقبل من دون توفر المساعدة الغذائية، هذا العمل الخيري يعطينا الفرصة للتعامل مع هذا الأمر، وأن نستخدم قوة شهر رمضان لمساعدة الآخرين».

يمكن التعقيب بحقائق كثيرة حول أسباب الجوع في العالم، ومن ضمنها جوع الأطفال، وعن مسببيها وسياساتهم التي تؤدي إليها، غير أن ما ذكره الوزير غير المسلم يستحضر نصاً للإعلامي والشاعر مصطفى شحيبر جاء فيه: «لطالما استقر في أذهان كثيرين أن من أبرز معاني الصوم إحساس الغني، أو المقتدر، بمعاناة الفقير والجائع، ليكون ذلك دافعاً للإحسان إليه.

وهذا المنطق لابد أن يقود إلى الاستنتاج بأن الفقير والمحتاج ليس عليه صيام، بدليل أن شعوره بالجوع والحرمان أمر قائم! وعلى فكرة، لم أجد طوال عمري، من قام بالإحسان إلى الفقير والجائع لمجرد أنه اختبر مرارة الجوع والحرمان، بل إن الدافع للإحسان أمر يعود إلى الإيمان وأداء فريضة الزكاة وأداء الصدقات والتكافل الديني والإنساني.

الصوم عبادة سامية، موجودة في الديانات كلها بأشكال مختلفة، وهي فريضة إيمانية روحية، من أبرز معانيها الطاعة لله والتقرب إليه، ورياضة الروح، وقهر جماح النفس، والصبر، والتزام مكارم الأخلاق، وغير ذلك من فضائل..»

إلى أي حد ينطبق مما سبق مع واقعنا؟

مع أن الصيام في العرف الديني والإنساني يعني الاكتفاء بالحد الأدنى من الحاجة الغذائية، فإنه نقيض ذلك تماماً في العرف الاجتماعي، والذي يحوّل الشهر إلى شهر للشراهة لا للزهد، وهو ما تؤكده صور الموائد الرمضانية التي تنتشر بوفرة استفزازية على مواقع التواصل الاجتماعي، بموازاة برامج الطعام والطبخ التي لا تغيب عن أي محطة تلفزيونية عربية على امتداد أيام الصوم، مما دفع أحدهم للتعليق مازحاً: «يبدو أننا نصوم كل أيام السنة ونفطر في رمضان!!»

ورغم الارتفاع الحاد في الأسعار، وخاصة أسعار المواد الغذائية، فإن مظاهر السلوك الاجتماعي العصابي لدى فئات غير قليلة، والتي ترافق الاستعدادات لشهر الصوم توحي بالتحضير لمواجهة (مجاعة) لا استقبال موسم زهد وتقشف، كما يفترض في أي صيام.

وإلى ذلك فإن كثيراً من الصائمين يبدون وهم يتأهبون لاجتياح مائدة الطعام، المكتظة رغم الارتفاع الخيالي في كلفتها، وكأنهم ينتقمون من الساعات القليلة التي حرموا فيها (طائعين) من الطعام.. هذا البذخ الذي يفوق إمكانيات فئات واسعة سرعان ما يوقعها في أزمات مادية طويلة الأمد.

ترى هل سنستطيع يوماً الاستفادة من قوة شهر رمضان، بما يلتقي مع جوهره، وفوائده الفردية والاجتماعية، خاصة بعد ما تسببت به ظروفنا الحالية؟

آخر الأخبار
مشاركة عربية ودولية فاعلة في"إعادة إعمار سوريا" بشراكات مستدامة ما لم تقله "رويترز".. الشرع يضبط الإيقاع داخل الدولة بلا استثناءات الرئيس الشرع يكافح الفساد ويطبق القانون على الجميع دون استثناء اجتماع باب الهوى ".. المحسوبيات والمصالح لا تبني دولة قوية البرلمان السوري.. حجر الأساس في بناء سوريا الجديدة ماهر المجذوب يعود إلى دمشق بمبادرة رائدة للكشف المبكر عن التوحد يد سعودية تبني.. ورؤية عربية موحدة: إعمار سوريا يبدأ من هنا بعد رفع تعرفة الكهرباء.. هل ستتحسن التغذية؟   بيع الكهرباء بأسعار منخفضة يشل قدرتها على التطوير والصيانة       عصمت عبسي: العشائر ترفض قسد وتطالب بالعودة إلى كنف الدولة    من الرهان إلى النهضة   دمشق تنام مبكرا.. فهل تنجح في إعادة هيكلة ليلها التجاري؟  تعرفة الكهرباء .. ضرورات الإصلاح والواقع المعاش  فاتورة دعم الكهرباء كبيرة جداً ولا بد من تصحيحها رئيس الغرف الزراعية: إتاحة المجال لقطاع الأعمال للقيام بالاستثمار والتنمية إدارة منطقة منبج تنفي شرعية ما يسمى بـ " نقابة المعلمين الأحرار " انتهاكات "قسد" المستمرة تهدد بانهيار اجتماعي في الجزيرة السورية "التأمين والمعاش" بحمص ..طابق مرتفع وكهرباء بـ"القطارة" ..! رفع تعرفة الكهرباء بين ضرورات الاستدامة والضغوط المعيشة  مستشفى الصنمين... بين نبض الحياة وغياب القرار!