قبل أيام وافق رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على توصية اللجنة الاقتصادية بتأييد آلية العمل المقترحة بشأن قيام المعامل الصناعية باستيراد البقوليات (حمص، عدس، فول، فاصوليا، بازلاء) بقصد التصنيع والتعليب والتصدير.
لا شكّ أن القرار مهم جداً ولكن ليس معروفاً لمصلحة مَن؟ هل للخزينة، أم للإنتاج الزراعي الوطني، أم لأصحاب المعامل، أم لمنصة التمويل؟
قبل سنوات طويلة كان أصحاب معامل الزيوت يذهبون إلى المزارعين لتشجيعهم على زراعة فول الصويا، وكانوا يتعاقدون معهم ويدفعون لهم جزءاً مهماً من ثمن مستلزمات الإنتاج، وهكذا نشطت الزراعة وكان الجميع بخير إلى أن تم السماح لأصحاب المعامل بتوريد فول الصويا، وهكذا استغنى التاجر عن المزارع وهجر المُزارع هذه الزراعة فكانت الكارثة، والحال يشهد على النتائج التي ليس للأزمة علاقة بها.
السماح بتوريد الحمص، والعدس، والفول، والصويا، والبازلاء والفاصولياء يعني تسرّبها إلى الأسواق ومنافستها المنتج الوطني وهذا سيجعل المزارعين يهجرون هذه الزراعة لندخل بعد سنوات في الاستيراد من باب الحاجة وليس التصنيع والتعليب.
فعلاً غريب هذا المنطق، فهل هناك فائض قطع لتوريد هذه السلع بقصد تغليفها؟ كم عدد المعامل؟ وكم عدد العمالة وما هي النتائج التي سيخلّفها القرار ؟
أيام زمان عندما تم تشغيل منشآت مصفاة بانياس ومعمل إسمنت طرطوس والمحطة الحرارية ببانياس بدأت هذه الجهات بتقديم وجبات وبيض وحليب للموظفين وحينها توقف الكثير من هؤلاء الموظفين عن تربية الدجاج، وأبعد من ذلك أصبح البعض منهم غير قادر على تحمل رائحة دجاج الجيران وخلال سنوات انقرض الدجاج من ضيعتنا وأصبحنا نذهب إلى المدينة لنجلب البيض.
على أصحاب المعامل دعم المزارعين وتشجيعهم لزراعة مساحات أكبر وزيادة الإنتاج ليوفروا لورشهم الكميات المطلوبة، وعلى الحكومة أن تحسب النتائج لهكذا قرار قبل أن تسمح بالتنفيذ.
تغليف البقوليات يُصنف من الصناعات الثقيلة، والأمر يقتضي الأهمية للمناقشة والإقرار والموافقة، فمَن يستطيع تحمل مسؤولية انبعاثات الحمص والفاصوليا فيما لو حصل؟.
السابق
التالي