تعدد الرؤى حول أولويات الاقتصاد السوري يجب أن لا يعتبر أمراً مستغرباً، ذلك لأن كل باحث اقتصادي أو صانع قرار له رؤيته الخاصة التي له الحق أن يتبناها ويدافع عنها، ولكن من حق المتابعين أن يقفوا على نتائج وجهات النظر التي طُرحت واعتمدت.
ورغم تلك الرؤى التي نسمع عنها بين الحين والآخر ما زلنا نبحث عن أولويات الاقتصاد السوري وتحديداً القطاع الأكثر طلباً لدفع عجلة الإنتاج، فالجميع يعلم أن نجاح عملية التحول الهيكلي للاقتصاد يقوم على قطاع الزراعة كونه سيساعد فيما بعد على توسيع القطاع الصناعي.
الحل واضح ويكمن في تفعيل كل الطاقات المتاحة اقتصادياً وصناعياً وبشكل نسبي خدمياً، بحيث يتم خلق أكبر قيمة مضافة ممكنة بالاقتصاد الحالي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال دعم الإنتاج أي دعم المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والتي تشكل أكثر من ٩٥% من المشروعات في سورية.
فالتحديات التي تعصف باقتصادنا تتطلب وجود دعم حقيقي لهذا القطاع الحيوي، وليس مجرد كلام وتوصيف بأهميته التي باتت معروفة للجميع، فلا يهم أي صاحب مشروع صغير أن تشرح له حجم المشروعات الصغيرة من الاقتصاد الكلي أو كم سيوظف أيدي عاملة بقدر ما يهمه تذليل الصعوبات عند الترخيص لهذا المشروع والمساعدة بدراسة الجدوى الاقتصادية وضمان التمويل الذي يشكل أحد أسباب توقف المئات من المشروعات.
لا يكفي أن نعترف أن المشروعات الصغيرة هي عصب الاقتصاد ومحركه، بل نحن بحاجة إلى ترجمة الأقوال إلى أفعال وذلك من خلال زيادة حصة الدعم المقدمة لهذا القطاع بمعنى رصد اعتمادات مالية في الموازنة العامة للدولة وفي خطط واعتمادات الوزارات المعنية بهذا القطاع، فتقديم دعم حقيقي وملموس لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يساعد في تحقيق طفرة كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في المرحلة القادمة فهل نستغل الفرصة؟.