الثورة- عمار النعمة:
من نافل القول: إن الكثير من المسلسلات الدرامية السورية قد حققت حضوراً كبيراً على مدار السنوات الماضية، لا بل احتلت تلك الأعمال مكانة كبيرة في قلوب المشاهدين محلياً وعربياً، بيد أن المفارقة وربما أصبح (موضة العصر) أن يتبع صنّاع الدراما تلك الأعمال بأجزاء ثانية وثالثة ضمن تبريرات كثيرة بأن فكرة العمل لم تستوفِ حقها وهي تستحق أجزاء ثانية وثالثة وربما رابعة. والسؤال هل حافظت تلك الأعمال على نفس السوية؟ وهل جذبت الجمهور من جديد لمتابعتها كما الجزء الأول؟ نعتقد أن المتابع للأعمال الدرامية يدرك أن مسألة الأجزاء عبر السنين الماضية لم تحقق نجاحاً إلا ما ندر، والغريب تمسك صنّاع الدراما بتلك المسألة التي واجهت الكثير من الانتقاد من المختصين ومن الجمهور نفسه، فكنا ومازلنا نؤمن أن الجمهور هو الناقد الحقيقي لأي عمل فني. وهنا نسأل هل مسلسل باب الحارة على سبيل المثال في أجزائه الأولى يشبه أجزاءه الأخيرة التي باتت صورة مستنسخة لا يوجد فيها أي إضافات تذكر؟ أيضاً مسلسلات الكندوش2 وبروكار2 حارة القبة2 وكسر عضم الذي تحول إلى سراديب والعربجي 2 هل أغرت الجمهور على متابعتها من حيث النص الجيد والإخراج المحترف بعيداً عن التكرار والحشو والمبالغات غير المبررة !!.
بدا واضحاً في السنوات الأخيرة أن الإنتاج غزير في حين أن الكثير من الأعمال تمر مرور الكرام فهي فاقدة لأهم عنصر من عناصر النجاح في العمل الدرامي وهو النص الجيد، أصبحت معظم الكتابات تتمحور حول البيئات الشامية غير الممثلة للواقع، والصراع على الزعامة الخ.. والدليل على ذلك قلة مشاهدة هذه الأعمال. بالطبع لا نطلق أحكاماً مسبقة أو غير واقعية فنحن نؤكد أن صحيفة الثورة قامت بالعديد من الاستبيانات في الأعوام الماضية دلّت بشكل أو بآخر على أن الكثير من تلك الأعمال باتت مملة للجمهور الذي أصبح يبحث عن ما هو جديد من حيث الفكرة المطروحة والحبكة والإخراج.
نعم، لم يعد هدف تلك الأعمال توصيل رسالة إيجابية كما عهدناها منذ سنوات مضت بمسلسلات تركت أثراً كبيراً وبقيت حاضرة بالذاكرة حتى الآن، بل أصبحت تقدم أفكاراً مخيفة تتغلغل بعقل المشاهد ليتشربها ويجد لها ألف تبرير وتبرير، وأن كل ما كان من المحرمات أصبح ممكنا وله أسبابه ودوافعه!
نقول: إن هذه الأعمال المتكررة بأجزائها تعبث بعقول الأطفال والكبار تصوّراً لهم عن أفكار وخيانات ومشاهد بذخ وترف وعنف قد لا تشبهنا، ولا ضرورة لها في أغلب الأحيان، مع يقيننا بأن النجاح الحقيقي لأي عمل لا يأتي من فراغ، وإنما يحتاج إلى أسس قوية متينة يجب الاعتماد عليها. يا صنّاع الدراما عودوا إلى الوراء فلدينا أرشيف كبير للدراما يحمل رسائل عميقة تؤثر بنا إيجابياً.. تابعوا (التغريبة الفلسطينية والزير سالم وأيام شامية وأحلام كبيرة) وغير ذلك من الأعمال وستدركون بعدها عن أي دراما نريد ونبحث ونطمح!!.