الثورة:
طبيعتنا تفرض علينا أن نتكلم ونعبر عما نكنه في صدرنا من أفكار وأحاديث وروايات وإجابات عن أسئلة يجب أن نتحدث عنها لكننا وفي غمرة مشوار حياتنا نتعرض لمواقف ولحظات محرجة ولا نجد لها أجوبة.
فقد يسألنا أحدهم سؤالاً محرجاً، أو فارغاً من المضمون، ولا فائدة منه، هنا ماذا علينا أن نتصرف؟ في الواقع الإجابة لا تحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرته، فمن الأفضل هنا الصمت وعدم الكلام.
لا بل إن الصمت أحياناً أقوى وأبلغ من الكلام، وهو بحد ذاته إجابة على سؤال سخيف، بل إن الصمت أحياناً يكون هو الجواب الشافي والكافي ويعرف السائل بأن كلامه لا معنى له ولا يجدي نفعاً.
وهنا عبر الحكماء في مجتمعنا عن رأيهم بمثل هذا السائل، وأرشدونا إلى أن نستفيد من مجالسة أصحاب الاختصاص الذين يتحدثون بكلمات قليلة لكنهم يعبرون عن الفكرة بشكلها الصحيح.
علينا إذاً الاختلاط مع مثل هؤلاء في المجالس ومحاورتهم واكتساب المعرفة والعلم منهم، وألا نضيع الوقت سدى مع غيرهم، لأن الوقت أغلى من الذهب، وإذا ذهبنا إلى الوجهة المقابلة نجد كم ننزعج من أناس نصادفهم في بعض المجالس لكن كلامهم غير مجدٍ ولا يعبر عن شيء، وإنما هو عبارة عن هراء ومضيعة للوقت وخارج عن أي هدف.
المطلوب في هذه الحالة الصمت وعدم المشاركة في الحديث، أو محاولة إنهائه، بسبب جهل المتحدث وعدم درايته وضعف ثقافته وفهمه، وعدم الفائدة من كلامه أبداً، أو ترك الحوار وعدم إضاعة الوقت بالمجان مع هؤلاء الذين يريدون إثبات ذاتهم بين الناس على أساس أنهم مثقفون ومطلعون، أما في الواقع فهو يضيعون وقتهم وأوقات غيرهم ويتحول السجال معهم إلى “حوار طرشان”.
قل خيراً أو اصمت، هي العبارة التي تعبر عن هذه الفكرة، ومن أروع الحالات التي يكون فيها الصمت من ذهب ويعطي نتيجة باهرة عندما يحصل خلاف بين الزوجين ويشتد الخلاف بينهما وعندها يتبادل الزوجان الكلام المزعج والذي فيه مهاترات، فهنا يجب الصمت من أحدهما ليبرد الخلاف ويصحو أحدهما لغلطه لعدم ضياع الأسرة، فالصمت هنا هو الأفضل والسعيد من يتعظ.
جمال الشيخ بكري