الثورة – عمار النعمة:
أمام ما نراه اليوم من وحشية الكيان الصهيوني ومايرتكبه من مجازر بحق الأطفال والنساء والرجال في غزة… نستذكر معاً كل شهيدٍ رحل عنا وهو يدافع عن فلسطين، فهو وإن رحل جسداً لكنه باق في ذاكرتنا ووجداننا.
تصادف اليوم ذكرى استشهاد كمال ناصر أحد أبرز قادة الثورة الفلسطينية، الذي تم اغتياله في10-4-1973 على يد المخابرات الإسرائيلية في بيروت مع اثنين من رفاقه، وهما كمال عدوان وأبو يوسف النجار.
أطلق عليه الشهيد صلاح خلف لقب “الضمير” حتى أخذ رفاق الثورة وزملاؤه في العمل ينادونه بهذا الاسم حتى أصبح كأنه اسمه الشخصي.
ولد المناضل والشاعر كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر في مدينة غزة عام 1924، وتربى في بلدة بيرزيت، شمالي رام الله، ودرس في مدينة القدس، وأنهى دراسته العليا في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1945 وتخرج فيها بإجازة في العلوم السياسية.
عاد الى فلسطين عام 1945، وعمل مدرساً للأدب العربي في مدرسة صهيون بالقدس، ثم درس الحقوق في معهد الحقوق في القدس، وعُيّن أستاذاً للأدب العربي في الكلية الأهلية برام الله.
ساهم، مع عدد من رفاقه في تأسيس فرع لحزب البعث العربي الاشتراكي في فلسطين في عام 1952، وأصدر جريدة “البعث” اليومية في رام الله.
انتخب كمال ناصر عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1969، وذلك في أعقاب سيطرة حركة فتح وباقي فصائل الكفاح المسلح على زمام المنظمة.
قام بتأسيس دائرة التوجيه في إطار المنظمة، وكان ناطقاً رسمياً باسمها.
وبصفته رئيساً لدائرة الإعلام الفلسطيني وبفضل قوة حضوره الشخصي والثقافي، أصبح “الضمير” رئيساً للجنة الإعلام العربي الدائمة المنبثقة عن الجامعة العربية.
في الثامن من تموز- يوليو 1972 أقدمت المخابرات الإسرائيلية على اغتيال الأديب غسان كنفاني، وكان الخبر موجعاً بالنسبة لكمال الذي “غار” من جنازة الشهيد غسان كنفاني، فقال في ذلك اليوم: “يا سلام. هكذا يكون عرس الكاتب الشهيد..” وتساءل: ترى هل ستتاح لي هذه الجنازة يوماً؟
في العاشر من نيسان 1973. اهتزت الدنيا على وقع قلب بيروت وهي تشهد استشهاد القادة الثلاثة.. وكان لكمال ناصر جنازة تغص بعشرات آلاف المشيعيين كالتي اشتهاها، وقد تبين أنه أوصى منذ استشهاد غسان بأن يدفنوه إلى جانبه.
رحلة طويلة قضاها كمال ناصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن الحق… ولد في العاشر من نيسان 1924 واغتيل في العاشر من نيسان 1973 أي إنه عاش أقل من خمسين سنة، شوهد مقتولاً هذا الفارس النبيل على الأرض، وفي جسده عشرات الرصاصات، وبالقرب منه مسدسه وكان آخر ما كتبه لمجلة «فلسطين الثورة» افتتاحية بعنوان «القيادات تتغير والأشخاص يزولون وتبقى القضية أكبر من الجميع».
ترك كمال ناصر الشاعر الملتزم الكثير من الأعمال الشعرية، وأهم كتاباته النثرية كانت في “افتتاحيات فلسطين الثورة”.
كان ناصر شاعراً مرهف الحس، يكتب من قلبه ووجدانه وبنفس الوقت يحمّل شعرَه همّه وهمّ الوطن، يخاطب الجيل القادم بقلبٍ ينبض بحبّ الوطن، فمثلاً يقول:
“رأى الظّلمَ يُدمي رُباه
فثارَ إلى مبتغاه
وكانَ شهيداً، وكلُّ شهيدٍ إله
تسامى، فلوّن معنى الصّلاة
وعمّق من وحيِها وابتكرْ
فسالتْ نضالاً دِماه”.
