الثورة – رنا بدري سلوم:
الكتابة المسرحية عند الكاتبة والمخرجة الشّابة يارا الحكيم هي تدفق روحي، تشعر به أثناء خلق شخصيّات المسرحية لتسكبها حبراً على ورق من ثم تأخذ شكلاً مختلفاً، بعدها يأتي دور الإخراج ليحوّل الشّخصيّات المكتوبة إلى لحم ودم، فيبعث فيها الحياة والنبض.
تحدّثت الحكيم في لقائها مع “الثورة” عن الرّسالة التي تريد إيصالها لجمهورها الصّغار في مسرحيّة “الطبيب النجّار”- من كتابتها وإخراجها- والتي ستقام على المسرح القومي في السّويداء الحادية عشرة صباحاً، خلال تظاهرة فرح الطفولة أيام عيد الفطر السّعيد. بأنها رسالة للأسرة بأكملها، فعلى الإنسان أن يكون مؤهلاً تأهيلاً علمياً وعملياً حتى يستطيع الحصول على الفرصة المناسبة، فتلك الفرص قد تغير حياة الإنسان إلى الأفضل، إضافة إلى امتلاكه الحرية في الحياة التي يطمح.
وعن نص المسرحيّة تبين الحكيم أنه يتحدّث عن لمسة الشّفاء السحريّة التي يقوم بها الطبيب لأجل إنقاذ الأميرة بعد أن فشل كل الأطباء في علاجها من مرضها الصّعب، حيث تتكوّن أسرة “الطبيب النجّار” وهي عائلة فقيرة في بيت قروي متواضع، من زّوج طبيب أعشاب مهتم في تركيب الأدوية، كما أنّه نجّار ورث هذه المهنة من والده وجدّه واشتغل بها لمدة طويلة لكسب لقمة عيشه بينما أهمل ممارسة مهنة الطّب، وكونه طبيباً محكوماً بإنسانيته فقد كان يداوي أهل قريته بلا مقابل مادي مساعدة للفقراء والمحتاجين من المرضى.
أما الزّوجة وهي ربّة منزل تقوم بواجباتها على أكمل وجه وتحاول إعادة زوجها إلى عمله كطبيب.
لدى هذه العائلة طفل يدعى أحمد وطفلة تدعى لميس وهناك فارق عمر صغير بينهما، أما قصر الملك ممثلاً بالملك وهو شخصية ضعيفة بعض الشيء محكوم من قبل زوجته الملكة، حيث إن الملكة امرأة قويّة تحاول جاهدة العثور على طبيب لشفاء ابنتها الأميرة المصابة بمرض أعيا الأطباء، ومما يظهر لنا فإن الملك والملكة يعزلون ابنتهم عن العالم الخارجي خوفاً عليها من قسوة الحياة وتجاربها المختلفة، فتظلّ الأميرة سجينة غرفتها إلى أن تقرّر الاحتيال عليهم وادّعاء المرض في محاولة طفوليّة منها لتحقيق هدفها الذي يتمثل في بقائها مع من تحب ومعرفة هذا العالم الخارجي وخفاياه، فترفض أن تعترف بالسّر الذي تخفيه أمام جميع الأطباء وعند معرفتها أنه لم يتبق سوى طبيب واحد في المملكة تقرر البوح له بذلك السّر وتخبره بأنها تحب ابن المنادي، فيدرك الطبيب أن تعلّقها به هو وهم خلق في ظل عدم معرفتها بأحد غيره، فيحاول الطبيب مساعدتها بما يملك من خبرة وباتفاق بينهما، فيخبر الملك والملكة بالدّاء والدّواء المناسب لها، فيصعب على الملك تقبّل الأمر في البداية، إلا أن الملكة تقف إلى جانب الأميرة والطبيب، وتكريماً لهذا الطبيب يأمر الملك بتعيينه كبير أطباء المملكة، وهكذا فإن أحداث المسرحيّة تدور حول كيفية وصول الطبيب إلى الأميرة وكشف سر مرضها وعلاجها.
تبين الحكيم أن العرض يظهر حكمة الطبيب وخبرته بمعرفة سر الأميرة ومساعدتها لإنقاذها من مرض شرس نسميه اللا حياة.
وتشير الحكيم إلى أن المسرحية تقود تفكيرنا إلى أنّ أبناءنا ملك أنفسهم، وبالتالي لهم الحق في أن يعيشوا حياتهم بحريّة، وكما قال جبران خليل جبران “أبناؤكم ليسوا لكم أبناؤكم أبناء الحياة”.
وعن ممثلي المسرحية بينت المخرجة الحكيم أن الممثلين على مستوى عال من الخبرة، كما أنهم أعضاء في نقابة الفنانين ولكل منهم أعماله التي تتحدث عنه، ومن الجدير بالذكر أنهم من فئات عمرية مختلفة، ويقوم بأداء دور الزّوج الممثل طلال أبو شديد، وأداء دور الزّوجة الممثلة ليال الهادي، بينما يقوم بأداء دور الملك الممثل جوهر شلغين، ودور الملكة الممثلة أماني أبو عساف، ويقوم بدور المنادي الممثل سيراج بريك.
وفي ختام حديثها بينت الحكيم عن تجربتها في الكتابة والإخراج فتقول: أنا حاضرة في كل منهما فكل واحدة تحمل شغفاً خاصاً وتصوّرات خاصة، ولكل منهما رؤية مختلفة وشغف مختلف، إنما ضمن إطار متكامل.