في ظروفنا الحالية أصبح كل شيء استراتيجياً حتى المحاصيل الرئيسية غير الاستراتيجية غدت بفعل الحرب والحصار والعقوبات استراتيجية بامتياز، فكيف هو حال الذهب الأصفر الذي يتلألأ في حقولنا، والذي كان ومازال المحصول الاستراتيجي الأول بلا منافس أو منازع.
كلمة “مجزية” التي ترددت وبكثرة فور إعلان مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية الأخيرة عن تحديد سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي 2023 ـ 2024 بـ 5500 ليرة سورية بعد حساب التكاليف الحقيقية “لا التقديرية أو التقريبية أو المكتبية” لإنتاج الكيلو غرام الواحد، هي مهمة بكل تأكيد لمجلس الوزراء وللجنة الاقتصادية ولوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وللاتحاد العام للفلاحين ولاتحاد غرف الزراعة، لكن الأهم أن تكون “وفي المقام الأول” مرضية ومشجعة ومحفزة ومنصفة وعادلة للفلاح “العلامة الفارقة والمميزة في قطاعنا الزراعي ـ النباتي”، الذي لم يهجر أرضه، أو يدر ظهره في يوم من الأيام لدورته الإنتاجية الزراعية “الشتوية أو الصيفية أو الربيعية أو الخريفية”، أو يسجل غياباً أو فقداناً لأي منتج زراعي “رئيسي أو استراتيجي” طوال عمر الحرب الكونية على وطنه.
اليوم هو يوم الفلاح السوري صاحب شعار “سنة فلاحية بيضاء ناصعة، وغلة زراعية صفراء وفيرة”، وغداً هو يوم الامتحان الحقيقي والجدي والعملي “الصعب لا المستحيل” أمام جميع الوزارات والجهات التنفيذية المعنية التي من المرتقب أن تكون خلال الساعات القليلة القادمة على موعد لاتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة، والإعلان عن حالة الاستنفار العام استعدادات لاستلام موسم القمح من مناجم الفلاحين بكل يسر وسهولة وتقديم كل التسهيلات “المسبوقة وغير المسبوقة” بدءاً من الحصاد والتعبئة والنقل والاستلام والتخزين وتسديد “كل قرش” من مستحقات أصحاب الأرض والجهد قبل أن يجف عرقهم ودون أي تأخير، والحيلولة دون تسجيل أي حالة مماطلة أو تعطيل لعملية استلام كل غرام ذهب أصفر، وصولاً إلى آخر حبة في أبعد نقطة جغرافية سورية، والتأكيد بأفعالهم لا بأقوالهم فقط أن ذهبنا الأصفر الـ “24 قيراطاً” حلال وحق لنا .. حرام على غيرنا من اللصوص والمرتزقة والمارقين .. وأننا كنا ومازلنا سنبقى نأكل مما نزرع ونحصد ونسلم من خيرات أرضنا المزينة باللون الذهبي.