الشاعرة ريم البياتي: أنا ابنة المقاومة.. وأنتمي إلى كلّ من يقاوم عدوّاً

حوار : هفاف ميهوب
شاعرةٌ، رأت وطنها ينزفُ بعد استهدافهِ من الطامعين والحاقدين والظلاميين، وعروبتها تئنُّ وجعاً، سببه اقترافات الأعداء، ممن يقومون اليوم، بالتدمير والإبادات التي نراها تتفاقم في «غزّة» فلسطين..رأت ذلك، فأطلقت صرختها المقاومة، تمزّق المدى بالغضب، وعبرَ القصائد التي أوقدتها، بمفرداتِ «هذيان الحطب».إنها «ريم البياتي».. الشاعرة التي أعلنت بعد أن أنشدت للـ»الغرباءِ والمنفى»: «لتلك الوجوه أصلّي».. عزفت على «مزامير الوجع»، واقتلعت «شوك السنابل» بكلّ مقاتل، توضّأت بآلامه وحاكمت قاتله، بعد أن شهدت بشاعة ما يحصل على «بوابات الهلع»..إنه ما جعلنا أيضاً، نحاورها ونسألها:
– من يسعى لقراءة قصائدكِ، يجد وراء كلٍّ منها «لافتة للدمِ المقاوم».. كيف تعرّفين بنفسك، كشاعرةٍ رفعت هذه اللافتة؟.
أنا ابنة المقاومة، وأنتمي إلى كلّ من يقاوم عدواً، وإلى كلّ إنسانٍ حرٍّ.. إلى الجياعِ والفقراءِ والبسطاء.. ديني الإنسانية، ومذهبي الرحمة، وقلمي ضميرٌ مرفوعٌ، بدمِ كلّ عربيّ يقاتل، ويقول:أنا المنفيُّ والمذبوحُ والمسفوح/ فوق صليبِ أوطاني/.. أنا في أوّلِ الكلماتِ حرف السّينِ/ جرّتني إلى زمنِ الكهوفِ/ سيوفُ إخواني/.. بلا لونٍ بلا لغةٍ/ تدورُ عقاربُ الساعاتِ/ تلجمُ نبض شرياني/.. تلاحقني السلاسلُ في بلاد الله/ من مصر لتطوانِ/.. وفي أسواقهم للبيعِ ذاكرتي/ وبعضٌ من دمي القاني/.. سيعلمُ يوماً الباغون/ أن النعلَ في قدمي/ يطيحُ برأسِ سجّاني.
– نعيش في زمنٍ، كلّ ما فيه يدعو إلى الهذيان والغضب، فما الذي أردتهِ من «هذيان الحطب»؟.
إنه هذياني في عالمٍ يحتطبُ الحلم ويطحنُ أعمارنا، فيأتي خبزهُ عارياً، إلاّ من شوكٍ يدمي الأفواه..ماهو يقينٌ، أنّ كلّ حرفٍ في هذا الديوان، كتبتهُ بحبر روحي، ونبض دمي لوطني الكبير ولأمّتي.. للذين يوقظون الفجر، وللذين ينامون على جراحهم، ويرقبون خيط الشمس..
– ياترى، كيف يحاكي الشّعر كلّ من ذكرتهم، بوعيٍ ودون أن يهذي؟.
كلمات الشاعر برأيي، هي رصاصةٌ في صدرِ العدو، لذا عليه أن يُبقي يديه على زنادِ الحرف.. إنه وعيه الذي يدفعه، لإطلاق نيران كلماته، بل كلمات كلّ من ذكرتهم، ووعيدهِ، بل وعيدِهم:تقول دمشق: سيعلمُ يوماً لفيف الجناة/ بأنّ الملوحة تسري/ وتقتلُ كلّ البذور/ وأنّ الصغار ستكبرُ حتماً/ وتلعنُ قاتل تلك الجذور/ وأن الزمان يدورْ..تقولُ فلسطين أيضاً:ركامُ البيت يلعنكم، وأشجاري/ وماءُ البحر والشطآنِ/ أطفالي وأشعاري/ وتحت الأرض، فوق الأرض/ أعشابُ الدروب، ورملنا العاري/ وآلافٌ قضوا منّا/ سينبتُ من ترابِهُمُ/ ملايينٌ تقاتلكم/ من البحرِ إلى نهرٍ/ تركتُ لديه أسراري/ فكيف ينامُ آبقكم/ وآية نومهِ في كفِّ ثواري؟!.
– ما رأيك بالصفحات والمواقع الإلكترونية، الدؤوبة على منحِ جوائزٍ وشهادات تقديرٍ، لشعراءٍ أغلبهم لا تعرفه حتى قصيدته؟.
أعتقد أن مانتعرّض له اليوم كشعوبٍ عربية، لم يسبق له مثيل في التاريخ، فالحرب حرب هويةٍ وفكر قبل كلّ شيء.. حربُ إلغاءِ تاريخٍ وذاكرةٍ وطمس الوعي، وإعادة تدويرنا لنصبح صالحين للاستهلاك من وجهة نظرهم..أقول هنا: تحرّوا وابحثوا جيداً في المبادرات التي تُطلق على النت، فليست كلها بريئة؟.تلك المبادرات ستظلُّ معاقة، ولن تستطيع البقاء في ذاكرتنا أبداً..لا شيءَ يأتي مصادفة، فاتقوا الله بذاكرتنا وهويّتنا يا أهل الفكر، فأنتم من تساهمون في البناء الأكبر.. بناء العقول..
-المرأة السوريّة في قصائدك، هي دوماً مناضلة ومضحّية.. ماذا تقولين لها، في زمنٍ جرّدها من الفرح، وألبسها الفقد والحزن؟.
أقول للمرأة السورية التي لا تعرف المستحيل: تستطيعينَ أن تجمعي الغيم بكفيكِ، وتلملمي أطراف الكون.. تشكّليه على مقاسِ مداراتكِ منديلاً وشالاً، وربما فستاناً للسماءِ طرّزته بأحلامكِ..في كفيكِ خميرة العجين ورائحة الخبز .. وحدكِ، من باحت لها أمّنا الأرض بأسرارها، ومن تهب الحياة.. أؤمن بكِ، فلا تدعي الأرض تكفُّ عن الدوران..
– هذا ما تقولينه للمرأة السوريّة، فماذا تقولين لوطنها.. سورية الحبّ.. النزيف والألم والقهر.. البطولات والتضحيات؟.
تعجزُ كلّ الكلمات وكلّ القصائد، عن قول ما يعبّر عن الحالاتِ التي ذكرتِها، وتعيشها سورية.. مع ذلك، سأقول لها:خشيتُ على ترابكِ من خطايا/ فبتُّ أنقّلُ القدم اضطرابا/ وودّ القلبُ لو تمشي عليه/ وكحلُ العينِ لو يغدو تُرابا/ ولو كان المسير إليكِ دهراً/ وفوق الدربِ قد زرعوا حِرابا/ لجئتكِ زاحفاً والقلبُ صبٌّ/ يقيناً في غرامكِ ما استرابا..# سأختم بسؤالك:
– بعد ستة دواوينِ شعرية، كانت ملحمة «بوابات الهلع»..
إلى أي الأبواب تريدين إيصال القارئ؟.
« بوابات الهلع» هو عملي الأخير، وقد تناوله نقادٌ عرب كبار، في هذا العمل، فتحتُ عُرى الأسئلة الكبرى: لماذا أيها الإنسان؟ وإلى أين؟ وكيف؟.إنه تعرية للإنسان وما أحدثه في الكون، من خلال محاكمته بعد الموت.. هذا العمل، ينصف المرأة ويجعلها القاضي في البوابة الأخيرة، فهي التي لم توقد الحروب، ولكنها احترقت بأتونها.. أحداث كثيرة في البوابات، فهناك أيضاً الطفل وردان، الذي دخل إلى الآخرة بحيلةٍ، وظلّ هناك حيّاً وشاهداً على جرائم الإنسان.. أتمنى أن يأخذ هذا الكتاب حقّه..

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار