لميس علي
بعدما بدأت تتواجد، بقوة، أخذ مقدمو البرامج يسألون ضيوفهم الفنانين عنها.بدا على بعضهم لهفةٌ واضحة ورغبة حقيقية للمشاركة في هذه الأعمال من خلال مديحه إياها بطريقة لافتة..
بينما في جواب البعض عن رأيه في الدراما المعرّبة، ثمة حالة من (التفحّص).. النظر إلى ما وراء الظاهر.. استقراء يختلف عن ثنائيات: (مدح، ذم)، (قبول، نفور)، ممعِناً فيما بين حدّي كلّ ثنائي-على سبيل المثال- في آخر ظهور إعلامي للفنان عباس النوري وحين سُئل عن هذه الدراما، ذكر أنها لربما تكون «صدمةً»، أي أن تكوّن لدينا نحن المتلقين «صدمة»..لكن من نحن..؟يقصد المتلقي العربي..مضيفاً أنها حالة (تطعيم).. بمعنى تطعيم العادات والتقاليد المجتمعية لدينا بشيءٍ آخر..لعلها تحرّك.. (تُزحزِح).. ولو بمقدارٍ بسيط.
هل هذا النوع من ذكاء التلقي يبدو ملحوظاً لدى منتجي هذه النوعية الدرامية..؟غالباً، الربح هو الغاية الكبرى الملحوظة لديهم..ومع ذلك لا يُستهان بتأثير الفن حتى لو كان بأبسط أشكاله الدرامية، أي «المتلفزة».في الفترة الأخيرة تكاثر إنتاج الأعمال المعرّبة، بحيث لا ينتهي عملٌ حتى يتم الإعلان عن آخر سيُعرض بعده.وكان تمّ الحديث سابقاً عن تعريب عمل (العشق الممنوع)، وأُعلن مؤخراً عن تعريب آخر بعنوان (امرأة)..سوقٌ تسير عجلته ليس لرغبة (التطعيم) ولا العلاج (بالصدمة).. بل لمقاصد مادية ربحية..لكن ربّ ضارةٍ نافعة.. إن اشتملت على شيء من تأمّل أنفسنا بأداة الآخر..فكل الأعمال المعرّبة، من أولها :»عروس بيروت»، إلى أحدثها :»لعبة حبّ»، هي بقالب أو قشور عربية لكن القصة/المضمون غير عربي..وربما سبّب هذا الأمر نوعاً من الإيهام المختلف عن «الإيهام بالواقع» المقصود من كل «فن»..فكأننا أمام إيهام مضاعف.. يأتي عفو الخاطر.. غير مقصود كل شيء فيها، ظاهرياً، يوحي بأنها عن مجتمعاتنا.. لكن حقيقة مضمونها غير ذلك.فلا بأس أن تأتي هذه الأعمال في سياق ما يقال عنه (رميةٌ من غير رامٍ)..فيها جانب يسعى إلى تحريك.. تغيير.. تجديد.. كنوع من آثار جانبية لعموم غايتها الأصلية.. لكنها آثار جانبية «إيجابية».. وفق قراءة من يرى فيها (صدمة).. أو حالة تلقيح أو تلاقح فني.. أي تطعيم بكل مستوياته..وبالتالي تحصيل «الحركة» المنافية للثبات.. وصولاً للحياة الاجتماعية.