حسين صقر
التوتر الامتحاني الذي يصيب الطلاب على اختلاف مستوياتهم، لا يعتريهم وحسب، بل يُصاب فيه غالبية الأهل وكأنهم هم الذين سيخوضون تلك العملية، وذلك قبل وأثناء الامتحانات، وحتى إلى ما بعدها، أي إلى مرحلة صدور النتائج.
هذا القلق والتوتر هو أمر طبيعي إذا بقي في حدوده المعقولة، لكن سرعان ما يتحول إلى سلوك مرضي وغير مألوف إذا زاد عن تلك الحدود حتى لو قليلاً.
مرضي مألوف
القلق الامتحاني يمكن أن يكون سلوكاً مألوفاً وعارضاً عادياً إذا تمّت السيطرة عليه، وهو أمر عادي، إذ إن أياً منا يحسب ألف حساب للتجربة التي سوف يخوضها، وهو ما عبّرت عنه والدة إحدى الطالبات التي سوف تتقدم لامتحانات المرحلة الانتقالية، وتابعت يتناسب الخوف مع مستوى الطالب أو ينخفض، إذ أن الطالب أو التلميذ الذي اعتاد أهله على علامات معينة يحصل عليها، بالتأكيد ليس كما الطالب الذي اعتاد ذووه أن يحصل على أعلى الدرجات.
دافع إيجابي
من جهته قال والد أحد الطالبات الذي ستخوض ابنته امتحانات الشهادة الإعدادية: إن القلق يكون عاملاً إيجابياً في بعض الأحيان، ويعد دافعاً جيداً، وهو مطلوب لتحقيق الدافعية نحو الإنجاز المثمر، أما إذا أخذ أعراضاً غير طبيعية كعدم النوم المتصل وفقدان الشهية للطعام وعدم التركيز الذهني، والتوتر وغير ذلك، بالتأكيد سوف يكون عكس ذلك، حيث تتسلط على الطالب الوساوس والاضطرابات الانفعالية والجسمية.
الخوف من ردة فعل الأهل
الاختصاصية النفسية والباحثة الاجتماعية مها عبد الرزاق أكدت أن قلق الامتحان الذي نحن بصدد الحديث عنه، قد يصيب الكثير من الطلاب، ويكون عاملاً طبيعياً في أحيان كثيرة، كما يتحول إلى سلوك مرضي في أحيان أخرى، ولهذا يحتاج الطلاب والأهل على حدّ سواء إلى توعية صحية ونفسية بهدف الوقاية من السلوك المرضي لهذا التوتر وذلك انطلاقاً من القانون السيكولوجي المسمى قانون بركس- دادسون والذي ينص على أنه: «كلما زاد القلق- القلق الطبيعي» زاد مستوى التركيز والأداء وكلما وصل القلق إلى مستوى القلق المرضي كلما أدى ذلك إلى تناقص التركيز، موضحة أن أسباب القلق من الامتحانات، قد تعود للطالب نفسه، كقلة الثقة بالنفس، وتوقع الفشل والرسوب، وقد يكون التنافس مع أحد الزملاء، أو الأقارب، والرغبة في التفوق عليهم.
وأشارت أيضاً إلى أن الخوف يتزايد كلما شعر الطالب برد فعل الأهل وخيبة أملهم، وتهديدهم له بالعقاب أحياناً، فضلاً عن عدم الاستعداد المبكر والكافي للامتحانات، واعتقاد الطالب أن ما درسه خلال العام الدراسي قد نسيه.
رحلة المعاناة
وهنا تبدأ معاناة الطالب وشعوره بضيق الوقت المتبقي للامتحان، ويسيطر عليه الضيق والانزعاج، ويبدأ بتخيل توبيخ أهله له أو الضغط عليه بضرورة النجاح في الامتحان وإلا سيجازى أو يعاقب، كما يبدأ التفكير بأمل أهله بتحصيله لعلامات عالية، ويسعى لإرضائهم، وينسى التركيز، وهو ما يفقده القدرة على التركيز.
التغلب على القلق
وعن كيفية التغلب على قلق الامتحانات.. قالت عبد الرزاق: بالنسبة للطالب، قبل الامتحان، يجب أن يعمل على تجميع المادة وتعيين الوقت المناسب واللازم لدراستها بارتياح تام، ثم الاعتماد على فهم المادة وليس على بصمها فهذا الشيء أسهل بكثير من حفظ المادة، ثم دراستها بوضع برنامج دراسة خاص فيها، أي يجب البدء بدراسة موضوع ما واستكماله كلياً وعدم تركه والبدء بفقرة أخرى.
أما بالنسبة للأهل فعليهم توفير جو هادئ ومريح للدراسة، كالحرص على أن تكون الدراسة على الطاولة وتهوية غرفة الدراسة، بحيث يدخلها الأوكسجين بشكل كافٍ وفيها إضاءة كافية، كي لا يشعر الطالب بضيق في التنفس أو صعوبة في الرؤية والقراءة أو الكتابة.
وقالت: إن القلق والتوتر يقودان للتشتت والنسيان والارتباك، ولهذا يبدأ العمل على ذلك منذ بداية السنة الدراسية، والاستغلال الأمثل للوقت، والتمرن على حلّ أكبرعدد ممكن من الأسئلة حول مادة الامتحان كما التمرن على حلّ نماذج الامتحانات السابقة، من دون نسيان الانتباه لبرنامج الامتحان ومواعيد بدء امتحان كلّ مادة.
النوم المبكر
وأكدت الاختصاصية النفسية على أهمية الحرص على النوم المبكر وخصوصاً ليلة الامتحان، ليكون الذهن صافياً والعقل منظماً والذاكرة قادرة على التركيز، وتوفير المراجعة البسيطة للمادة التي ستؤدي الامتحان بها في اليوم الثاني، مع عدم محاولة استرجاع كلّ المادة أو كلّ الكتاب ليلة الامتحان، والبدء بالحل سؤالاً بعد الآخر وعدم الذهاب إلى السؤال الثاني إلى بعد فقدان الأمل بحله.
وهذا كله دون نسيان الابتعاد عن المنشطات والمنبهات، والامتناع قدر المستطاع عن الدراسة في ساعات غير اعتيادية مثل ساعات الليل المتأخرة أو ساعات الصباح الباكرة، وعدم ترك المادة لآخر ليلة من الامتحان.
وختمت عبد الرزاق بأن هذه النصائح كفيلة إلى حدّ معقول بحصول الطالب على علامات جيدة، إذا تجاوزنا موضوع الفروق الفردية لدى الطلاب.
