غصون سليمان
يبدو أن لكل فصل من فصول العام روزنامة طاقية تأسر في محيطها تفاعلات البشر وميولهم وإحساسهم بالخمول أو النشاط، فيحتار المرء في تفسير ما ينتابه داخلياً بأمور مختلطة من مزاج غير رائق وأعصاب متعبة، حساسية مفرطة، وضغوط نفسية متفاوتة الشدة بردود أفعالها.. لعله الاكتئاب الموسمي الذي يمر فيه بعض الناس بأي فصل كان من فصول العام صيفًا أم شتاءً، خريفاً أم ربيعاً، لكن الأكثر شيوعاً تلك الحالات التي تبدأ في الخريف وتستمر حتى شهور الشتاء، أما الاكتئاب الموسمي في فترة الصيف أو الربيع فهو الأقل شيوعاً ويبدأ في الربيع إلى بدايات الصيف.
وفي هذا السياق يشير المدرب والمعالج النفسي نضال الكيلاني أن من أعراض هذا النوع من الاكتئاب هو أن حساسية الأشخاص ذكوراً وإناثاً تكون أكثر من اللازم، إلى جانب الشعور بالكسل أكثر من المعتاد، وغالباً ما ينام هؤلاء كثيراً ويتأخرون عن أعمالهم ووظائفهم.
وحسب رأي المدرب الكيلاني أن العديد من الناس يشعرون بالخمول وفقدان الاستمتاع بأي شيء، وبالتالي غالباً ما تستمر الأعراض لفترة مؤقتة مع ثبات الطقس، ولكن إذا استمرت تلك الأعراض على هؤلاء الأشخاص يجب ألا يترددوا بطلب استشارة اختصاصي نفسي.
ويرى باحثون آخرون أن أعراض الاكتئاب الموسمي يعتبر أحد أنواع الاكتئاب الشديد، لذا يعاني المريض من نفس أعراض الاكتئاب المشار إليها أعلاه، إضافة إلى الشعور باليأس، وفقدان الطاقة، وصعوبة التركيز، ومشكلات بالنوم والشهية، وحتى التفكير بالانتحار، إضافة لصعوبة البقاء فترة طويلة مع الناس.
وما نلحظه بشكل عام هو الحساسية الزائدة تجاه أي نقد صغيراً كان أم كبيراً مع حالات الشعور بثقل في الأيدي والأرجل، وربما هناك من تفتح شهيته ما يؤدي إلى زيادة الوزن.
طرق العلاج
ينصح الخبراء النفسيون والاجتماعيون لتجاوز هكذا حالات بضرورة جعل البيئة أكثر إشراقاً، وذلك من خلال القيام بأمور عديدة منها: ترك الستائر مفتوحة نهاراً، وتقليم أغصان الأشجار التي تحجب أشعة الشمس، كما ينصح بالجلوس بجانب أقرب النوافذ القادرة على إيصال أشعة الشمس والضوء للشخص وهو في المنزل أو في المكتب.
ومن النصائح أيضاً قضاء بعض الوقت في الخارج، بحيث يمارس فيها فترة لا بأس بالمشي، أو تناول الغداء في حديقة مجاورة، أو مجرد الجلوس بحديقة المنزل، لامتصاص أشعة الشمس، إذ حتى في الأيام الباردة أو الغائمة هناك ضوء في الهواء الطلق، خاصة في غضون ساعتين من الاستيقاظ صباحاً.
كما يؤكد الخبراء كذلك على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، فالرياضة وغيرها من أنواع النشاط البدني تساعد على التخفيف من التوتر والقلق، وكلاهما يمكن أن يزيدان من أعراض الاضطراب المذكور.
أخيراً.. يمكن القول إن الإنسان هو أدرى بنفسه من أي شخص آخر وعليه أن يكون هو الطبيب بقليل من الروية والهدوء والمحاكمة العاطفية والعقلية.
