في ذكرى رحيله.. إبراهيم طوقان: خلق الحزم أبكما..

الثورة – يمن سليمان عباس:

واحد من أهم الشعراء العرب، على الرغم من أنه رحل بعمر مبكر بعد معاناته مع المرض.. وهو صاحب الصوت النضالي المتميز.. ولا يمكن للمرء أن يتجاهل دوره في صنع شاعرة متميزة هي فدوى طوقان أخته التي تركت أيضاً إرثاً إبداعياً مهما.
بطاقة..
(تلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية في القدس، وكانت هذه المدرسة تنهج نهجاً حديثاً مغايراً لما كانت عليه المدارس أثناء الحكم العثماني، أكملَ دراسَتَه الثانوية في مدرسة المطران في القدس عام 1919 حيث قضى فيها أربعة أعوام، وتتلمذ على يد «نخلة زريق» الذي كان له أثر كبير في تعليمه اللغة العربية والشعر القديم، بعدها التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت عام 1923 ومكث فيها ست سنوات نال فيها شهادة الجامعة في الآداب عام 1929.
حياته العملية
عاد ليدرّس في مدرسة النجاح في نابلس، ثم عاد إلى بيروت للتدريس في الكلية السورية البروتستانتية (التي تحولت فيما بعد إلى الجامعة الأمريكية في بيروت) عَمِلَ مدرساً للغة العربية بين عامي 1931 و1933، ثم عاد بعدها إلى نابلس.. في عام 1936 تسلم القسم العربي في إذاعة القدس وعُين مُديراً للبرامجِ العربية وخصص فيها حلقة أسبوعية للشاعر حنا فرح بسبب إعجابه الشديد بمقالاته وشعره، ولكنه لم يبق طويلاً هناك حيث أقيل من عمله من قبل سلطات الانتداب البريطاني عام 1940، انتقل بعدها إلى العراق وعملَ مدرساً في دار المعلمين العالية، ثم عاجله المرض فعاد مريضاً إلى وطنه، ولقب بشاعر الجامعة.
ثقافته الأدبية وإبداعه الشعري
ولد إبراهيم طوقان في بيئة ثقافية وفكرية غنية، فقد نشأ في أسرة متفتحة على الحياة والعمل والمطالعة والدراسة، فجده كان ينظم الشعر والزجل، وأمه كانت تقرأ على مسامعه القصص والروايات للكثير من الأدباء والكُتَّاب مثل قصص عنترة وأبي زيد الهلالي وسيف بن ذي يزن، وغيرهم.. أما والده فقد أعده هو وأخوته للحياة إعداداً يقوم على اللباقة والحكمة ومسايرة الزمن في التطور واكتساب المعرفة، ثم أتيحت له الفرصة وهو طالب في القدس للالتقاء بالأستاذ الكبير نخلة زريق، الذي قرب إبراهيم طوقان من اللغة العربية والشعر القديم.
كان لفترة إقامته في بيروت، أثناء دراسته في الجامعة الأمريكية لمدة ست سنوات، تأثير كبير على صياغة شخصيته الثقافية وصقل موهبته الإبداعية، فلقد تمكن في أثناء رحلته الدراسية وطلب العلم من إتقان عدة لغات أجنبية، كالانجليزية علاوة على لغات أخرى مثل التركية والألمانية والإسبانية، كما أنه التقى في بيروت بنخبة من الأدباء والمفكرين مثل وجيه البارودي وحافظ جميل وعمر فروخ، حيث كونوا معاً حلقة أدبية تحت عنوان «دار الندوة». كان أيضاً على صلة وثيقة بالشاعر بشارة الخوري المعروف بالأخطل الصغير.
تعلق إبراهيم طوقان منذ صغره بالقرآن الكريم، من بيانه وبلاغته. وعلاوة على ذلك، فقد كان دائم المطالعة لكتب اللغة والأدب العربي.كتب إبراهيم طوقان الكثير من القصائد والأشعار لأهداف وأغراض متعددة ولكن غلب على شعره غرض الانتماء للوطن، الذي عبر فيه عن هموم الوطن وأبنائه وخاصة في الفترة التي كانت فيها فلسطين تحت سيطرة الاحتلال البريطاني.
انتشرت أشعاره وأناشيده الوطنية في فلسطين فعرف بشاعر فلسطين وتخطتها إلى عموم الوطن العربي، أما الغرض الآخر الذي أبدع فيه فهو غرض الغزل، الذي مزج فيه عواطف الحب بعواطف الألم.
وفاته
لقد استغرقت رحلة إبراهيم طوقان في هذه الحياة حوالي ستة وثلاثين عاماً، قطعها طالب علم، وناظم شعر، ومعلم أجيال، وكاتباً في الصحف والمجلات والإذاعة الفلسطينية، ولكن الوضع المؤلم الذي عاشه بحكم ظروف الوطن لم يكن يمثل حزنه، وإنما كان يعاني منذ صغره من مجموعة من الأمراض التي أنهكت جسده، وجعلته ضعيف البنية بالإضافة إلى ألم في الأذن، وكان يعاني من قرحة في المعدة، والتهابات في الأمعاء، وقد صاحبته هذه الأمراض طيلة حياته، فلم يسلم منها حتى جاء اليوم الذي كان يستلم فيه درجته العلمية من الجامعة الأمريكية، فقد شعر وهو على منصة الشرف بألم نغص عليه فرحته.
وعلى أي حال، فإن سنوات العمر القصيرة التي عاشها كانت مليئة بالعطاء الأدبي والنضالي، ولم يستسلم للألم حتى جاء يوم الجمعة الثاني من شهر أيار عام 1941 وتوفي في نابلس ودفن فيها.
إثر وفاته، أقيم حفل تأبين بمشاركة أدباء من أنحاء فلسطين في مدرسة النجاح الوطنية في حزيران 1941، وعلى الرغم من مرور عشرات السنين على وفاته، إلا أن أشعاره بقيت خالدة، ولعل نشيد «موطني»، الذي يسمع صباح كل يوم في ساحات المدارس ومعاهد التعليم، خير دليل على ذلك.
من أعماله الشعرية
نشر شعره في صحف ومجلات عربية، نُشر ديوانه بعد وفاته تحت عنوان “ديوان إبراهيم طوقان” وصدرت منه عدة طبعات.
ديوان إبراهيم طوقان (ط 1: دار الشرق الجديد، بيروت، 1955م).
ديوان إبراهيم طوقان (ط 2: دار الآداب، بيروت، 1965م).

ديوان إبراهيم طوقان (ط 3: دار القدس، بيروت، 1975م).
ديوان إبراهيم طوقان (ط 4: دار العودة، بيروت، 1988م)
من قصائده نختار قصيدة الفدائي:
لا تَسلْ عن سلامتِهْ
روحه فوق راحتِهْ
بدَّلَتْهُ همومُهُ
كفناً من وسادِتهْ
يَرقبُ الساعةَ التي
بعدَها هولُ ساعتِهْ
شاغلٌ فكرَ مَنْ يراهُ
بإطراقِ هامتِهْ
بيْنَ جنبيْهِ خافقٌ
يتلظَّى بغايتهْ
من رأى فَحْمةَ الدُّجى
أُضْرِمَتْ من شرارتِهْ
حَمَّلَتْهُ جهنَّمٌ
طَرفَاً من رسالتِه
هو بالباب واقفُ
والرًّدى منه خائفُ
فاهدأي يا عواصفُ
خجلاً من جراءتِهْ
صامتٌ لوْ تكلَّما
لَفَظَ النَّارَ والدِّما
قُلْ لمن عاب صمتَهُ
خُلِقَ الحزمُ أبكما
وأخو الحزم لم تزل
يدُهُ تسْبِقُ الفما
لا تلوموه قد رأى
منْهجَ الحقِّ مُظلما
وبلاداً أحبَّها
ركنُها قد تهدًّما
وخصوماً ببغْيِهمْ
ضجَّت الأَرضُ والسما
مرَّ حينٌ فكاد يق
تُلهُ اليأْسُ إنَّما
هو بالباب واقفُ
والرَّدى منه خائفُ
فاهدأي يا عواصفُ
خجلاً مِن جراءتِهْ
الشباب
حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا
ما إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ
صَحَّتْ عزائمكُمْ على
دْفعِ الأَثيمِ المعْتدي
واللهُ مَدَّ لكُمْ يداً
تَعْلو على أقوى يدِ
وطني أزُفُّ لكَ الشَّبا
ب كأَّنهُ الزَّهَرُ النَّدي
لا بُدَّ مِن ثَمرٍ لهُ
يُوْماً وإنْ لمْ يَعْقِدِ
ريْحانُهُ العِلمُ الصَّحي
ح وروُحهُ الخلْقُ الحسنْ
وطَني وإنَّ القَلْبَ يا
وَطني بِحبَّكَ مُرْتَهَنْ
لا يَطمَئِنَّ فَإنْ ظَفِرْ
بما يُريدُ لكَ اطمأنْ

آخر الأخبار
دير الزور.. منظمات مانحة تدعم تنفيذ مشاريع المياه خطوط الصرف الصحي خارج الخدمة في الحسينية.. والبلدية تعمل على الحل انتقادات مصرية لمطالبات ترامب بشأن قناة السويس الفاعل مجهول.. تكرار سرقة مراكز تحويل الكهرباء في "عرطوز والفضل" Shafaq News : مؤتمر للأكراد لصياغة موقف موحد لمستقبل سوري دمشق وبغداد.. نحو مبدأ "علاقة إستراتيجية جديدة" "الأونروا": نفاد إمدادات الطحين من غزة الاحتلال يقتل 15 صحفياً فلسطينياً بأقل من 4 أشهر درعا: مناقشة خطط زراعة البطاطا في المحافظة خطة لدعم التجارة الخارجية وإرساء اقتصاد السوق الحر في ظلّ تداولات وهمية.. سعيد لـ"الثورة": وضع إطار تشريعي للتعامل بـ"الفوركس" الفنادق التراثية.. تجربة مشوقة للإقامة داخل المدن القديمة "مياه دمشق وريفها" تقرع جرس الإنذار وترفع حالة الطوارئ "طرطوس" 20 بالمئة إسطوانات الغاز التالفة "نيويورك تايمز" ترجح أن يكون "وقود صاروخي" سبب الانفجار في ميناء إيراني تطوير خدمات بلديات قرى بانياس وصافيتا "صحة درعا".. أكثر من 293 ألف خدمة خلال الربع الأول هل تُواجه إيران مصير أوكرانيا؟ نمذجة معلومات البناء(BIM) في عمليات إعادة إعمار سوريا "رؤية حوران 2040".. حوار الواقع والرؤية والتحديات