يُعد استعراض مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية الأخيرة واقع الصناعة المحلية في عدد من القطاعات الحيوية خطوة أكثر من مهمة إن كانت ترمي حقيقة للوقوف على مدى تلبيتها لاحتياجات ورغبات وأذواق السوق المحلية والعملاء، والإجراءات المتخذة لدعمها وتعزيز تواجد منتجاتها في الأسواق بأسعار وجودة مناسبة وتأمين مستلزمات العمل والإنتاج، والاستمرار بتشجيع توطين بدائل المستوردات بأنواعها كافة وخلق البيئة المناسبة للتوسع فيها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاستيراد قدر الإمكان.
أهمية وحساسية هذا الملف الاقتصادي لا تتوقف عند الإجراءات والتسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يسطرها مجلس الوزراء بين الفينة والأخرى لهذا القطاع، ولا عند التوصيات والتعاميم والمقترحات والقرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية، لكنها تمتد لتشمل وبشكل رئيسي وأساسي الصناعي الذي يعلم أكثر من غيره بكثير أن جودة منتجه تقل بأشواط وأشواط عن سعره المضاعف “× 2 على أقل تقدير”، وأن هناك ليس فقط بوادر أزمة ثقة بدأت تظهر ملامحها “منذ فترة ليست بالقريبة” بينه وبين عملائه، وإنما حالة من الطلاق البائن دفعت بـ “الحلقة الأضعف” المستهلك .. الزبون .. العميل لـ” الطفش” منه ومن منتجاته ومن علامته التجارية.
كيف لا والشريحة غير الهينة من الصناعيين يرفضون وبالمطلق الاعتراف أو حتى سماع النظريات القائلة: عندما تلبي المنتجات “على اختلاف أنواعها وأصنافها” توقعات العملاء أو تتجاوزها باستمرار، فإن ذلك سيؤدي حكماً ليس فقط إلى مستويات أعلى من رضا الزبائن، وإنما ستساعد وبشكل كبير جداً الجهات المكلفة ملف مراقبة الجودة “إن وجدت أصلاً” على تحديد ومعالجة أي مشكلات أو عيوب محتملة قد تعيق رضا العميل أو تهز ثقته بهذا المنتج أو ذاك، بالشكل الذي يمكن تلك الشركات من تعزيز سمعة علامتها التجارية، ويسهم بعملية التسويق الشفهي الإيجابي لمنتجاتها.
كيف لا وهم يحاولون وباستمرار الهروب من كل المسلمات والبديهيات القائلة إن المستهلك يعتبر جودة المنتج هي العامل الأكثر أهمية عند إجراء أي عملية شراء، والعنصر المفصلي الذي يؤثر وبشكل إيجابي على سلوكه الشرائي، طبعاً وبكل تأكيد إلى جانب السعر الذي يجب أن يكون مرتبطاً بصلة لا تقبل التجزئة بالجودة، لا كل واحد منهما في واد عميق وسحيق.