الثورة – رشا سلوم:
تجربة شعرية ثرة وغنية لم تلق الاهتمام النقدي المطلوب لأن صاحبها عازف عن الترويج لتجربته الإبداعية، ولكنه تنبه إلى ضرورة إصدار ما يكتبه ضمن مجموعات شعرية.
وبلغة شعريّة مفعمة بالحب والدفء والحنين، وبعيداً عن التكلّف والغموض قدّم الشاعر والأديب حبيب الإبراهيم مجموعتيه الشعريتين: (الحواكير العتيقة) و(أناشيد الظّلال) واللتين صدرتا حديثاً عن دار بعل في دمشق، وتتنوّع مواضيعهما وتتوزع بين القضايا الوطنية والاجتماعية والإنسانية، وجاءت قصائده لتعبّر عن معاناة الإنسان، المواطن، من الغربة والهجرة وآثار الزلزال و…، وكان للأم والقرية والغزل والحبيبة ومرابع الطّفولة والشهيد الحيّز الأكبر من قصائد المجموعتين.
ولعل البيئة القروية بكل مفرداتها وبساطتها، بحميميتها، بالضوء الذي يشعّ من جنباتها، بيوتها الترابية، قبابها الطينيّة مواسم الحصاد، البيادر و…. كانت حاضرة بقوة في نصوص الشاعر، لأن الشاعر والأديب ابن بيئته ويتوجب عليه أن يعكس في إبداعه طبيعة ومعاناة الناس، من الظلم والقهر والحرمان، فالمفردات جاءت حانية وكأنها يد تمسح دمعة طفل وهو يبحث عن رغيف خبز، أو زغرودة أم وهي تودع ولدها الشهيد…
من قصيدة (ٲمُّ الـشهيد) نقرأ:
(أنتِ كلُّ البلاد
وكل الأحلام
المزروعة في الوجدان ..
وحدكِ من يلمُّ طرف الغيم
وينثره خيراً… عطراً
في فيافي الجائعين …
ينثرهُ طللاً
وأُمنياتٍ وينابيع..
أيُّ بحر حان أنتِ؟
أيُّ صبحٍ دافئ نقرؤه
في حنايا وجهك؟
أي أُمٍّ أنتِ؟
أتقنت متى يكون الحزن نشيداً؟
ومتى يكون الفداء عيداً؟
طوبى لكِ
طوبى لصوتك
طوبى لعينيك ..
فأنتِ أُم الشهيد ..)
وقد خصّ قريته ومسقط رأسه (قصر ابن وردان) بعدّة نصوص ومنها (عطر الغياب):
( هنا على مصاطب
من حنين
تنداح حكاياتٍ
وحكايات،
ترتدي الدروب
المقفرة
شالاً من حبق.
عند أوّل رعشة
من رقص السنابل،
تطويني الأمنيات
وتسافر في غنج
عبر مراكب الروح
الحزينة….)
ومن الجدير ذكره أن الشاعر حبيب الإبراهيم يكتب الشعر والخاطرة والمقالة والدراسة والزاوية الصحفيّة.
بدأ بنشر نتاجه الأدبي في منتصف الثمانينيات، في الصحف والمجلات والدوريات المحلية، ومنها: ملحق الثورة الثقافي، الفداء، الأسبوع الأدبي، ولديه عدّة مخطوطات شعرية ونثرية.