الثورة _ هفاف ميهوب:
من المعروف عن «عباس كيارستمي» الذي يُعتبر أشهروأهم مخرج سينمائي إيراني، إضافة إلى كونه كاتب سيناريو ورساماً، ومصمّم كاريكاتور، ومصوّراً فوتوغرافياً.. من المعروف عنه، بأنه شاعرٌ يعتمد الومضة الشعرية، واللغة السلسة التي مكّنته، من ترسيخ مكانته بقوّة، في الساحة الشعريّة الفارسية.
يجسّد الصورالمكثّفة والبسيطة والواضحة، ويتأمّل في العزلة، مثلما في الكون والعالم والإنسان، والجمال الباهر للطبيعة..
يفعل ذلك، وهو يرنو إلى كلّ «ذئب متربّص» بالحياة، وإلى «الريح والأوراق» التي آثرت أن تبقى «بصحبة الريح» فعصفت بها، واضطرّته لتأمّل هذا العصف، حتى بالكلمات:
«تبرعمت/ ثمّ تفتّحت/ ثمّ ذبلت/ ثمّ سقطت/ وما من أحدٍ رآها..
أيّ ورقة سيحين دورها في السقوط/ مع الريحُ التالية/؟.. أيّ ورقة سيحين دورها؟..
وتستمرّ تأملاته، مثلما نثرياته وإبداعاته.. يرفض مغادرة وطنه، لقناعته بأن ما يقدّمه، يشبه ما تقدّمه الشجرة المتجذرة في أرضها، والتي يستحيل أن تغادرها..
هذا ما اقتنع به، وعمل على ترسيخه من خلال، تقديم العديد من الإبداعات ،ولا سيما في المجال السينمائي.. السينما التي ربطها بالشّعر، حيث اقتبس عناوين بعض أفلامه، من قصائدٍ لشعراءٍ إيرانيين منهم»فروغ فرخزاد» و «سهراب سيري»..
إنه الارتباط الذي قدّم، وبالإضافة إلى ما يعكس من جمال، موجة جديدة في السينما، أطلق عليها الأكاديميون الإيرانيون، اسم «السينما الشاعرية».. الارتباط الذي جعل «كيارستمي» أيضاً، من أشهرالمخرجين العالميين، وأكثرهم حصولاً على احتفاءات وجوائز وتكريمات، سواء مادية أو فخرية ومعنوية.
بيد أن شهرته هذه، لم تكن فقط، بسبب تقديمه هذه الموجة السينمائية، بل ولأنه أيضاً، كان قد جسّد الفنّ، بطريقةٍ جديدة وغير سائدة، ذلك أنه كان يرفض كلّ سائدٍ، ويشعر دوماً بالقلق واللاطمأنينة، وإلى الدرجة التي دفعته للقول، عن دورهما في حياته الفنية:
«سواء كنت أصنع الأفلام، أو أكتب الشّعر، أو ألتقط الصورالفوتوغرافية، فهذا نابعٌ من إحساسي بالقلقِ وانعدام الطمأنينة.. القلقُ هو الشعورالجوهري للحالةِ الفنية».
لاينتهي الحديث، عن هذا السينمائيّ الفنان وإبداعاته، ومع ذلك سنكتفي بما أوردناه، ليكون ما نختم به، التعريف ببعض سيرته:
ولد في طهران، وبدأ طريقه بالرسم ثم التحق بكلية الفنون الجميلة بجامعتها، وتخصص في تصميم الجرافيك والرسم الفني.. بعد ذلك، عمل كرسامٍ ومصمم كاريكاتور في مجال الإشهار، وقد صوّر أكثر من 150 عملاً إشهارياً، ليتخصّص بعدها في إعداد مقدّمات الأفلام، حيث اكتشف العالم الذي أحبّه. عالم السينما الذي قاده إلى الإخراج والإنتاج السينمائي..