هل هذه الحياة حقّاً لي..؟

الثورة- لميس علي:
ما كمية الشجاعة التي نحتاجها حين نتساءل: (هل هذه الحياة تشبهني)..؟ مع أن الكاتبة والفيلسوفة الفرنسية «أديل فان روث» في تشريحها معاني (الحياة العادية) استخلصت أن من المستحيل القول إن هذه الحياة حقاً لي.. فهل يجوز الاستنتاج: إن هذه الحياة ليست لي..؟ كأن توصيف الحياة بالعادية تهمة تلتصق بنا وعلينا الهروب منها ومن كل التوصيفات التي تقاربها، لتحديد معنى (العادي) قامت «فان روث» بتمييزه بما ليس هو عليه..
بمعنى اللجوء إلى تحديد الشيء وتعريفه بأضداده، وفي سياق حديثها عن تباعده وتقاربه من مفردات مثل:(اعتيادي، مألوف، يومي، معتاد) تجعله بُعداً من أبعاد الواقع، وفي قافلة كل تلك الأبعاد الواقعية التي تُكبّلنا، يلوح طيف «الروتيني»، ما يزيد من صعوبة تفصيل حياة على مقاس أي منا.. وفق رغباته وأحلامه، حسب «فان روث» التي في حديثها عن الحياة العادية، يبدو الكثير من ترف الرغبة باصطياد فروقات غير ملحوظة بمنظار (الآن وهنا).. بين كلماتٍ ومعانٍ بات عيشها وليس مجرد الحديث عنها، هو أقصى الأماني والرغبات، فبعد الأزمات والحروب، كل ما يتوق إليه ويحتاجه المرء هو عيش العادي بمختلف أبعاد أشباهه من يومي.. مألوف.. أو حتى روتيني، أثناء الأزمات والحروب، أي أثناء ظروف خارج إطار «العادي والطبيعي»، تتصاعد نبرة ذاك السؤال: هل هذه الحياة تشبهني.. وهل هي حقاً لي..؟ مع أن أصل نشأته هنا يختلف عمّا قصدته «فان روث»، لكن، هل فقط أثناء الأزمات والحروب يرتفع مستوى استنكارنا لحياتنا..؟ ولماذا نرغب طوال الوقت بخلق غير المألوف و»اللاعادي».. أو بمقاربة الاستثنائي والأكثر من مميز..؟ وكما لو أن (العادي، الاعتيادي، المعتاد، المألوف، اليومي) على الرغم من الفروقات التي بينها، وكأنها جميعها كوشم قديم التصق بجسدنا بطلت موضته، نسعى لتغطيته أو إزالته بأي حيلة ومهما كان الثمن..؟ ربما كان لسيطرة الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي، كما وصفها أحدهم بفاشية العصر الحديث، تأثير ببرمجة وعينا وعقولنا وتوليفها وفق نمط يلفظ ويرفض «العادي» ويسعى للمبتكر وغير السائد.. وهذا بشكل ظاهري سطحي لا يرقى إلى أي عمق إنساني حقيقي.. بحيث تمّ خلق نمط «رغبة» سريعة تتوق لعيش غير المتوقع والمفاجئ، وبنفس الوقت فارغة من أي مضمون أو قيمة.

يبدو فهم الفيلسوف البريطاني «آلان دو بوتون» خارجاً عن سياق ما يتم تكريسه من فهم الحياة العادية، ومختلفاً عمّا أسهبت في شرحه «فان روث». في إحدى مقابلاته يذكر: «معظمنا سيكون لديهم حياة عادية، فما الذي فعلناه في بناء عالم حيث حياة عادية غير كافية»، مؤكداً أن الحياة العادية في هذا العصر هي أفضل بكثير من عصور سابقة. يتابع في تفسيره وجهة نظره: «مقدّرٌ لنا أن نكون عاديين والحياة العادية هي حياة جيدة، ودعنا لا نعذب أنفسنا بأن السبب الوحيد لتكون جيداً كفاية هي أن تكون خارقاً، فهذا سام… نحن نعاني من وباء اختلال عقلي تولّد بشكل كبير من التوقعات بأن حياتنا ستكون ممتازة ولكن في الحقيقة من المرجح جداً أن تكون حياة عادية. قلة قبولنا لذاتنا جعلنا مرضى، المتعة ليست في كسب 10 ملايين دولار، بل المتعة ستكون في مشروب مع صديق ووجبة جيدة.. المتعة ستكون في نهاية يوم بدون أي أزمة، بل إلى حدّ ما أن ينتهي على ما يرام. والحبّ لا يجب أن يكون مثالياً، بل فترات من إمساك اليد من قبل شخص يفهم جزءاً منك وليس كلّك».. يبدو أن فهم «دو بوتون» يكمن في التفاصيل.. فالتفاصيل هي التي تصنع الفرق.. تفاصيل صغيرة.. يومية.. معتادة.. مألوفة.. وطبيعية.. كيف نتلقاها ونحياها.. نَقبلها أو نُقبل عليها. كلّ ما يحتاجه الأمر خليط من «حيوية وشغف» لإكساء قشرة «العادي» ومنحه بريقاً جذاباً.. لعلنا بذلك نكون مارسنا لعبة التمويه ضد السؤال: هل هذه الحياة تشبهني..؟ فالسؤال الأهم والذي يحتاج مقداراً أكبر من شجاعة المضي في الجواب عليه هو: هل أشبهني.. هل أشبه «الذات» التي سعيت لتكوينها..؟ وهل كانت تلك الحياة «حياتي» مهما كانت توصيفاتها، سبباً لأن أكون نفسي.. أم أحداً آخر لا يشبهني؟.

آخر الأخبار
تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ بعد غياب أربعة أيام.. التغذية الكهربائية تعود لمدينة جبلة وريفها حدائق حمص خارج الخدمة.. والمديرية تؤكد على العمل الشعبي سوريا في صلب الاهتمام والدعم الخليجي - الأوروبي