الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
شعراءٌ كتبوا الشعر همساً، لا يسعون للأضواء والشهرة، بينما نجد اليوم حبًّا جمًّا للظهور في عصر السوشيال ميديا فنجد بعض الشعراء والشاعرات كفراش النور يتّبعن الأضواء أينما حلّت، لإثبات الذات وتقدير الموهبة وفرض سيرتهن الذاتية، ولكن إن أغفل الاسم والصورة في نصوصهن هل تحظى بإعجاب القارئ أو اللجنة المحكمة؟ أم أن للحضور واعتلاء المنابر له قيمة مضاعفة عن قيمة النص وهذا ما نراه اليوم في تصعيد الحصول على الجوائز الدوليّة والمحليّة والأكاديميّات الإلكترونيّة التي تنتج جيلاً من الشّعراء والشّاعرات يحصدن الجوائز والأوسمة لمجرد مشاركات أدبية، معظمها تعود وبرأيي إلى فن ومهارة التواصل والعلاقات العامة مع الجهات المعنية فأخذ المبادرات وإقحام الذات على إداراتها المسؤولة لها جزء كبير من نجاح وتمييز هؤلاء الشعراء «الناثرين» عن غيرهم.. يعرّف «سارتر» النثر بأنه في جوهره نفعيّ، ويعرّف الناثر بأنه يستعمل الكلمات، أما الكلمات في الشعر فمختلفة كل الاختلاف، إذ تصبو دوماً إلى الخلود، وكأنها هي من تستعمل الشاعر ليعبّر عنها… وهنا تتحول بعض الشاعرات الناثرات إلى مديرة علاقات عامة، تتواصل مع الجميع، وتجدها حاضرةً في أغلب الفعاليات، مشاركةً أو ضيفةً، وهذه كلها طاقات إضافية تضاف من خارج الشعر لتدعم المشروع الشّعري، ولكنها في الوقت نفسه تسحب الشاعرات للخوض في عالم العلاقات العامة الذي يخدمها -كما تظن.
تقول الدراسات إن حضور بعض المبدعين انهمك بمسألة العلاقات العامة التي تخدم القصيدة.. وقد تناسل عدد من الشعراء أثّروا على أجيال مختلفة من الثقافة العربية، وهذا الأمر ليس خطأً أو حكماً معيارياً يسيء الفهم، إنما توصيف لعدد كبير من الشعراء في إدارة الموهبة الشعريّة، وهي منطقة مختلفة تماماً عن موهبة الشّعر، وكتابة القصيدة، ويقترب توصيف هؤلاء الشّعراء من مصطلح «الشعراء المؤدلجين»، نحو فكرة الظهور وحب الوجود الدائم بالقول: انظروا أنا هنا ثم اسمعوني!.
العدد 1195 –2 -7-2024