في حديثها عن الوحدة ذكرت الكاتبة الأمريكية “أوليفيا لاينغ”: أن للوحدة نتائج جسدية (تعمل بخفية داخل الغرف المغلقة للجسد)..
للجسد غرفٌ مغلقة.. ربما كانت من جنس الأفكار.. المشاعر والأحاسيس.. وأيضاً الأحلام.
وغالباً هي “مغلقة”.. لأنها غير مرئية للآخرين.. مُخبّأة بين المرء وذاته.
نحن نمارس لعبة إغلاق غرفنا “السرية”، الداخلية، غير الملحوظة، عن بعضها وعمّن حولنا.. ودون أن ندري، نخبّئ بعضها في سراديب مقفلة في أعماقنا ولا نعلم متى تعود إلى صلاحية الاستخدام مجدداً.
الوحدة هي إحدى تلك الغرف بمعنى الإحساس بالوحدة..
العزلة.. الخلوة.. الصمت أيضاً هو أحدها.. الحبّ.. الصبر.. الرحمة.. المودة.. والكثير من المعاني “الإيجابية والسلبية” القادرة على ملء غرف أذهاننا وعقولنا وقلوبنا..
كيف نهندس غرف أجسادنا المغلقة تلك..؟
ما الديكورات والأثاث الذي نختاره لها..؟
أبشع ما يمارس على مكونات تلك الغرف أن تتمّ إزاحة محتوياتها من الجانب المضيء إلى المعتم.. من الرحب إلى الخانق.. كأن تتم إزاحة الحبّ من صالونات حضوره الفخمة الشاسعة إلى أقبية تقزيمه العفنة.
بعضنا لا يدري كيف يشيّد بناء غرفه المغلقة..
يختار المكوث بين أقبية معتمة تؤثَّث بالمهترئ من مشاعر سلبية وأفكار خبيثة.. يهوى العيش في سراديب مظلمة حتى لو بدا عكس ذلك.
كيف نطلّ على الشاهق من غرفنا الداخلية المغلقة..؟
كيف نفتحها ونجعل المرور سالكاً بينها..؟
لطالما توحي عبارة غرف مغلقة بأسرار مخبّأة.. أسرار غاية في الأهمية.. خطيرة تمسّ أمن حاملها.
ما درجة جدية ذلك الإغلاق..؟
وما درجة خطورة تلك السرية..؟
للجسد غرفّ مغلقة.. تحتاج من وقت لآخر “للتهوية” لتمرير هواء نظيف ومنعش.. ضروري ولازم لمنح قابلية الحلم والقدرة على إنتاج الأفكار شيئاً من حيوية التجديد.
كما تحتاج غرفنا السرية تلك، إن كانت تعج بالفوضى، إلى الترتيب إلى القدرة على التخلي عن “كراكيبها”.. يعني إلى “التعزيل”.. إلى نفض غبار عالق في زوايا ذاكرتنا ومسح زجاج الرؤية لتغدو صائبة أكثر..
ربما بهذه الطريقة، حتى وإن كثرت غرف الجسد المغلقة، تصبح أقل عبئاً وأكثر خفّة أثناء التجول في أركانها وممراتها.