نضال بركات
من المعروف بأن منظمة “هيومن رايتس ووتش” التي تتخذ من نيويورك مقراً لها وشعارها الدفاع عن حقوق الإنسان تأسست عام 1978 هي بعيدة عن هذا الشعار ولا علاقة لها به لأن تقريرها الأخير ضد المقاومة الفلسطينية خالف مبادئ عملها الإنساني وتبنى الرواية الإسرائيلية لأحداث السابع من أكتوبر واتهامها لفصائل المقاومة الفلسطينية بارتكاب جرائم حرب رغم عدم وجود أدلة تثبت صحة تقريرها, في حين كانت وسائل الإعلام العالمية تنقل حقيقة جرائم الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وهو ما أثار طوفاناً عالمياً من المظاهرات ضد تلك الجرائم.
من يتابع تقرير المنظمة يلاحظ افتقاره إلى الموضوعية والمهنية لأنه يكرر الأكاذيب الإسرائيلية دون أي دليل وهو ما يؤكد بأن هذه المنظمة استسلمت للضغوط الإسرائيلية والأمريكية وابتعدت عن شعارها المحايد كونها منظمة حقوقية وتبنت رؤية الجلاد في الوقت الذي تواصل فيه “إسرائيل” عدوانها على قطاع غزة متجاهلة قرارات مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.
وقد رفضت حركات المقاومة الفلسطينية هذا التقرير وفندت الادعاءات الواردة فيه لأن تقرير المنظمة تبنى الرواية الإسرائيلية بالكامل، وابتعد عن أسلوب البحث العلمي والموقف القانوني المحايد، مما يجعله أشبه بوثيقة دعائية إسرائيلية, خاصة وأنه اتهم الفصائل الفلسطينية بارتكاب “جرائم حرب” خلال عملية “طوفان الأقصى”، ولم يسلّط التقرير الضوء على المعاناة والدمار الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني خاصة وأن عدد الشهداء والجرحى فاق 120 ألفاً حتى اليوم، وتم تدمير المستشفيات والجامعات والمدارس والبنية التحتية بشكل كامل، وما زالت آلة البطش الصهيوني تواصل جرائمها بدعم أميركي وغربي كامل، ولم يجد التقرير أن هذا كله يستحق الذكر.
أما فيما يتعلق بمصير الأسرى، فإن معدي التقرير أظهروا “انحيازهم الأعمى عند الحديث عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية”.. وفي المقابل، لا يطلب التقرير الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين من الرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون للتعذيب والقتل والتجويع والإذلال في سجون الاحتلال.
من الواضح بأن تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش ” الذي يبرر مجازر “إسرائيل” بحق الفلسطينيين يؤكد أن هذه المنظمة تحاول إرضاء الجانب الإسرائيلي بعد تعرضها لضغوط أمريكية وإسرائيلية على خلفية تقارير سابقة اتهمت فيها “إسرائيل” بارتكاب انتهاكات ضد الفلسطينيين خلال العدوان الأخير على قطاع غزة, وإذا كانت تقاريرها السابقة أظهرت الحقيقة الإجرامية للكيان الإسرائيلي فإن تقرير المنظمة الأخير أعطى “إسرائيل” صفة البراءة عن كل جرائمها, وهذا ما يمثل سقطة خطيرة لمنظمة كان يجب أن تلتزم بصدق بمعايير حقوق الإنسان, ولكن المعادلة انقلبت لأن المنظمة تحولت بالفعل إلى منظمة دعائية لـ “إسرائيل” يحركها اللوبي الصهيوني كيفما يشاء, وهنا تكمن الخطورة لأن هذا التقرير قد يكشف عن توجه “إسرائيل” لتجنيد منظمات إنسانية أخرى لتتبنى تقارير شبيهة بتقرير“هيومن رايتس ووتش” تحرض على المقاومة الفلسطينية وتبرر جرائم “إسرائيل” بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
