ربما استغرب البعض لماذا نتحدث الآن عن السكن الجامعي ونحن خلال فترة الصيف، حيث جرت العادة أن يُكثف الحديث حول مواضيع السكن مع بداية كلّ عام دراسي، من حيث القبول والإجراءات والاستيعاب وغيرها.
إلا أن ما يواجهه الطلاب القاطنين في السكن الجامعي وخاصة في سكن المزة لديهم معاناة لا تنتهي لا في الصيف ولا في الشتاء، ففي كلّ زاوية مشكلة تتفاقم مع الأيام بدلاً من إيجاد الحلول لها.
قصص مكررة من الشكاوى ففي الشتاء كان انقطاع الماء الساخنة مشكلة وانقطاع الكهرباء وسبل التدفئة مشكلة أكبر، ومعاناة الطلبة من البرد والازدحام داخل الغرف وعدم وجود أمكنة للقراءة ولا حتى للنوم إذ أن نصف القاطنين ليس لديهم أسرّة ولا يوجد أي تناسب بين عدد الأشخاص وسعة الغرفة. أما خلال الصيف والطلبة اليوم في مرحلة تقديم امتحانات الفصل الدراسي الثاني، لديهم معاناة لا تقلّ أهمية عما ذكرناه وربما أكبر منها لكونها تتعلق بعدم وجود النظافة وتراكم القمامة في مختلف الزوايا بجانب الوحدات السكنية وعلى أطراف الحدائق، وتجميعها لعدة أيام في المطابخ المشتركة في كلّ جناح من أجنحة البناء والتي تبعثرها القطط وتصدرعنها الروائح الكريهة والحشرات وتكون وسيلة سريعة لنقل الأمراض في ظلّ حرارة الصيف الكفيلة بتفاقم المشكلة، وفي ظلّ عدم اكتراث مشرفي الوحدات وعدم استجابة عمال الصيانة.
ما تقدّم لا يعني أن الكهرباء والمياه في حالة جيدة بل هي المشكلة نفسها في الشتاء والصيف، مستمرة مع الطلبة، فلا يوجد كهرباء للدراسة وخاصة خلال فترة الليل. ولا يوجد مياه كافية للاستحمام والتنظيف ففي أغلب الحالات مقطوعة. حيث لا تأتي الكهرباء إلا ساعة واحدة كلّ عشر ساعات ومياه الشرب تختفي لعدة أيام وخاصة للقاطنين في الطوابق العليا.
ولعل تردي خدمات الصيانة في جميع الوحدات السكنية أدى إلى وجود الكثير من المرافق العامة خارج الخدمة وتردي الوضع الخدمي جعل من السكن حالة اضطرارية يتسابق الطلبة للحصول على مكان فيها ليس لأنها مكان مريح يساعدهم على التحصيل العلمي .. بل لأن الظروف المعيشية الصعبة وغلاء أجور السكن مرتفعة جداً ولا تتناسب مع الإمكانيات المادية للطلبة.
لاشك أنه بعد مرور أكثر من 60 عاماً على تأسيس السكن الجامعي في المزة بأن تكون هذه الأبنية بحاجة إلى ترميم وتحديث مستمر ولا شك أن أعداد الطلاب في حالة ازدياد مستمرة ما يعني أن يكون هناك خطط وبرامج تستهدف تحسين السكن وتوسيعه بما يتناسب مع الطاقة الاستيعابية المطلوبة الأمرالذي يحل نصف المشكلة لو تمّ العمل عليها.
كما أن غياب الحلول حتى المجتزئة أدى إلى تراكم المشكلات ولعلّ أبسط ما يمكن قوله حيال الكهرباء. ما هوالمانع من تغذية السكن الجامعي بالمزة بالطاقة البديلة وحل هذه المشكلة وخاصة بعد أن أصبحت هذه المدن هيئات مستقلة. وماذا لو كان هناك اهتمام بموضوع النظافة وإشراف على العمال والموظفين المعنيين بهذا الجانب. حلول قد لا تكون صعبة لو كانت إرادة العمل موجودة.
السابق
التالي