شكا أحد الجنود إلى قائده قصر سيفه، وأنه لا يستطيع به منازلة عدوه، فقال له: ” تتقدم خطوة”، ومن هنا جاء علم التكتيك.
تلك الخطوة التي تمكن أي قوة صغيرة كانت أن تواجه خصمها وأن تحيّد تفوقه.
أسوق هذه الحادثة في هذا اليوم لنستذكر يوم الرابع والعشرين من تموز 1920، عندما قاد يوسف العظمة مع جيشه الصغير في العدد والعتاد ومجموعة من المتطوعين معركة ميسلون لمواجهة قوات الاحتلال الفرنسي.
يوم ميسلون يوم عظيم سطره التاريخ عندما غزت قوات الاحتلال الفرنسي سورية قبل أكثر من مئة عام، فقد أبت المقاومة العربية يومها إلا وأن تواجه قوات الاحتلال الغازية.. تلك المقاومة التي كان عمادها الجيش الوطني، وممن تطوع من أبناء الشعب لملاقاة العدو عند الحدود ومنعه من دخول الوطن دون مقاومة، رغم علمهم بتفوق القوات الغازية بالسلاح والعتاد والذخيرة، لكن هؤلاء الأبطال الذين واجهوا العدو في ميسلون أبوا أن يسجل التاريخ أن المحتل الغازي دخل أرض سورية بلا مقاومة.
وسجل التاريخ بأحرف من نور معركة ميسلون التي تدرس تكتيكاتها في الكليات العسكرية، وأعطت للأجيال دروساً وعبراً في الصمود والشرف والكرامة والتمسك بتراب الوطن.
لقد تقدمت المقاومة العربية خطوة كي تحيّد تفوق العدو، وبذلت قصارى جهدها، حتى أنهكته، ورغم محاولتها المتواضعة إلا أن هذه الواقعة فتحت الآفاق أمام طريق مسيرة المقاومة والنضال والتحرير حتى نالت سورية استقلالها.
وما نشهده اليوم من تكتيكات المقاومة في فلسطين وغزة وجنوب لبنان وكل الساحات وجبهات المقاومة، كيف تقدمت خطوات لتحييد تفوق العدو الصهيوني عسكرياً وأمنياً، جوياً وبرياً.
فقوات الاحتلال رغم امتلاكها العتاد والسلاح الذي يأتيها من الولايات المتحدة ومن الغرب المتوحش الذي يشارك في الحرب ضدّ غزة والجنوب وضدّ كل محور المقاومة، لم تستطع أن تحقق أياً من أهدافها العدوانية، ولم تحقق أي نصر على الأرض ليسجل للعدو، ويتمكن من خلاله نتنياهو أن يصور نفسه بـ”الفائز” وهو يزور الولايات المتحدة.
لقد تقدمت المقاومة الفلسطينية خطوات.. فصمدت حتى الآن نحو تسعة أشهر تقريباً في وجه آلة الحرب الصهيونية واستطاعت أن تحيّد التفوق النوعي لقوات الاحتلال عسكرياً وأمنياً، وتحيّد القصف الجوي المكثف وتوغل دبابات العدو وغزارة نيران مدفعيته وطائراته الجوية.
ليس العيب أن يكون السيف قصيراً لكن العيب ألا نحسن استخدامه في معركة التحرير أو حتى في معركة البناء والتطوير، فالإمكانات المتاحة مرهونة بحسن الاستخدام لا بقلتها.