الدكتور ذوالفقار عبود:
تأتي زيارة الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، ولقاؤه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتزامن مع مرور ثمانين عاماً على بدء العلاقات السوفياتية – السورية.
مخرجات هذه الزيارة سيكون لها تأثير على جميع المسارات الإقليمية، ففي مستهل الاجتماع قال الرئيس بوتين للرئيس الأسد: “أنا مهتم جداً بمعرفة رأيكم حول كيفية تطور الوضع في المنطقة ككل.. وبالنسبة لعلاقاتنا التجارية والاقتصادية، فهناك اتجاهات واعدة”
من جانبه، اعتبر الرئيس الأسد أن سورية وروسيا “مرّا بتحديات صعبة واستطاعا تجاوزها دائماً”، و”نظراً للأحداث التي يشهدها العالم أجمع والمنطقة الأوراسية، فإن اجتماعنا اليوم يعد بالغ الأهمية لمناقشة تفاصيل تطورات الأوضاع، والآفاق والسيناريوهات المحتملة”.
مما سبق، يبدو أن الزيارة مرتبطة بالتطورات الإقليمية، وما تشهده المنطقة من تصعيد لا تزال تفرضه حرب “إسرائيل” العدوانية على قطاع غزة، وتأثير ذلك على المنطقة ككل.
من جانب آخر، تأتي الزيارة في خضم مجموعة من التحديات والتحولات الإقليمية والدولية، فهناك إرهاصات للتصعيد بعد خطاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، وربما تتوسع الحرب في غزة نحو دول أخرى من بينها لبنان، وسيكون لأي عمليات حربية في لبنان ارتدادات نحو المنطقة، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الميدانية في سورية، وبالتالي كل هذه الاحتمالات تتعلق بروسيا وسورية بوقت واحد.
من جانب آخر، يبدو أن حديث الرئيس بوتين للرئيس الأسد حول وجود فرصة واعدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية قد يعني أن ذلك مرتبط بتطوير العلاقات بين روسيا وسورية، والسير باتجاه الحل السياسي، لمنع نشوب حرب شاملة من جديد، وإعادة الاستقرار إلى سورية.
المصلحة المشتركة بين سورية وروسيا اليوم مرتبطة بشكل أساسي بأخطار مشتركة تتعلق بوحدة الأراضي السورية، وتحديات استمرار الوجود العسكري الأميركي غير الشرعي على الأراضي السورية، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واحتمال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فإنه سيكون هناك تأثير على كل دول المنطقة.
كما أن مسألة سيطرة ميليشيا (قسد) الانفصالية في شرق سورية مرتبط بوجود القوات الأميركية غير الشرعي في المنطقة، وربما يراهن الروسي والتركي على فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب وزيادة احتمالية التخلي الأميركي عن (قسد).
المثبت أن روسيا تسعى إلى الحفاظ على التهدئة في سورية، مع اتخاذ خطوات فورية على طريق حل الأزمة، بما يعيد إنعاش المجال الحيوي الأوراسي.
* أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في جامعة تشرين.