الملحق الثقافي- بلال كسواني:
«إذا حارب الرجلُ العالَم فراهنوا على العالَم «
فرانزكافكا
ذهنية أي مجتمع مهما بلغ من الرقي والتحضّر، تُشكِّل السائد الذي يُحارب ويخاصم وينبذ المخالف أو المُغاير، لا لشيء سوى مخافة التغيير أو السعي اليائس للحفاظ دوماً على ما يسمى:»مَناعة القطيع» بمعنى أنه ردُّ فعلٍ جمعي لا واعٍ اتخذت المجتمعات البدائية ردود الأفعال تلك وخزَّنتها الجينات التي ورثها الخلف من السلف، والعجيب أن نزعة نبذ المخالف أو معاداته والرغبة بالتخلص منه ليست حِكراً على البشر ولربما كان الأكثر دهشة وغرابة بقاء نزعة بدائية لدى كائن «عاقل، واعٍ، مدركٍ، قادرٍ على مُراكمة المعرفة ونقدها وتحليلها ونقلها لأبناء جنسه سيما بعد سيادة قانون عادل نسبيّاً تفرضه سلطة عُليا تحميه وتحمي صغاره وكامل مجموعته من الأخطار الكامنة في سلب موارده أو البطش به، كما أنه أصبح مُدركاً إدراكاً يقينيّاً بتطور المنظومة الصحيَّة وعلى رأسها اللقاحات المضادة للأوبئة والأمراض المُعدية.
ما أردت قوله هو أن مقاومة الاستثنائي أو المُتفرّد أو المبدع لعادات أو قوانين الكثرة شيء بالغ الصعوبة وقد يكون مستحيلاً ، اللهم إلا أن تكون حركة جماعية ترفض سائداً ما بظروف مواتية ما، وقد يتم التغيير ببطء حروناً قاسياً مليئاً بالمآسي ليخلق فيما بعد سائداً دوغمائيّاً مؤدلجاً يفعل فيمن يتمرد عليه كما فعل من قبله والذي فعل بدوره كذاك فيمن سبقه.
مراعاة الضرورات الاجتماعية ضرورة للحفاظ على تماسك المجتمعات وعلى حياة من لا يراعيها وصحته النفسيَّة مع الوعي في ذات الوقت أن له حق الاعتراض والتعبير عن الرأي والتفرّد بسلوك ما ، حالما واتته فرصة مناسبة لذلك شريطة ألا يكون سلوكه مؤذياً بشكل جَلي واضح لا لبس فيه على فرد ما أو على المصلحة العليا للجماعة.
العدد 1199 – 30 -7-2024