أرخى قرار المجلس الأعلى للاستثمار بالترخيص لمنشأة جديدة لصناعة الإسمنت في سورية، بظلال إيجابية على الرسالة الإعلامية التي خرجت من اجتماع مجلس الاستثمار الأعلى.
وهذا اتجاه من هيئة الاستثمار لا يمكن فصله عن السياق الاقتصادي العام، باعتباره ترافق مع إطلاق الشركة العامة للاسمنت والتي استوعبت توجه وزارة الصناعة لتغيير فلسفة إنتاج وتوزيع الإسمنت في بلد يحتاج إلى إسمنت العالم ليعيد إعمار ما فعله الإرهاب فيه.
كما نحن أمام الكثير من الفرص الاستثمارية والمزايا في صناعة الإسمنت، تبدو أمامنا الكثير من التحديات في التمويل والتكنولوجيا وربما في اليد العاملة الخبيرة في هذه الصناعة.
اسمحو لي بالتوقف قليلاً.. في قراءة أولية.. تملك سورية حوالي ستة معامل إسمنت موزعة جغرافياً في كل المناطق تقريباً، من الشمال.. في حلب لدينا معمل الشهباء ومعمل العربية، وفي المنطقة الوسطى في حماة لدينا معمل الرستن، وصولاً إلى الساحل حيث معمل إسمنت طرطوس، وفي المنطقة الجنوبية معمل اسمنت عدرا، ومعمل “الشمينتو” في دمر و يصل إنتاجها السنوي لحدود / 4/ ملايين طن.
وقد كيفت نفسها إدارة شركة الإسمنت الجديدة (عمران) المشكلة من المؤسسة العامة للإسمنت ومن مؤسسة عمران سابقاً التي كانت متخصصة بتوزيع الإسمنت، مع التوزيع الجغرافي لمناطق الإنتاج وتوزع المعامل، فشملت الفروع الجديدة للشركة معامل الإنتاج والتوزيع بآن.
وهذا سيعطي قدرة أكبر على تلبية الحاجة في كل منطقة وفق معادلة العرض والطلب من الإسمنت، وكذلك الأمر سيقدم مؤشرات لأصحاب القرار ولهيئة الاستثمار بالتوسع أو الإحجام في هذه الصناعة في هذه المنطقة أو تلك.
في الوقت الذي يعاني الاستثمار الخاص في صناعة الإسمنت من الضعف والسمسرة، وأغلب المعامل التي تمّ ترخيصها أيام الطفرة الاستثمارية السابقة قبل الحرب كانت وهمية لوسطاء ليس لهم علاقة بهذه الصناعة.
رغم ذلك بقي معمل إسمنت البادية وحيداً صامداً في البادية السورية رغم كل الظروف التي مرت على تلك المنطقة، وهو ينتج اليوم حوالي مليون طن من الإسمنت، وينتج إلى جانبه معمل إسمنت النواعير، لكن إنتاجه محدود جداً إذ لا يصل إلى 50 ألف طن سنوياً، ووفق مصادر وزارة الصناعة فإن معمل المتحدة لصناعة الإسمنت سيدخل الإنتاج قريباً، وبالتالي يصبح لدينا ثلاثة معامل قطاع خاص بالخدمة.
إذاً وفق الأرقام السابقة فإن إنتاج سورية من الإسمنت يصل اليوم لحدود 4 ملايين طن، في الوقت الذي لا يعلم إلا الله كم حاجتنا من الإسمنت سنوياً، لكن بعض التكهنات تقول بأننا نحتاج اليوم بين 15 و 20 مليون طن سنوياً من الإسمنت.