الثورة- غصون سليمان:
يكسب الفرد اتجاهاته ويتعلمها نتيجة للخبرات والمواقف التي يمر بها أثناء تنشئته الاجتماعية، فهي أساليب يتعلمها الشخص وتساعده على التكيف مع بيئته والتوافق معها، فالفرد يتعلم أن يخاف أو يتجنب أشياء أو أشخاصاً لارتباطهم بأحداث غير سارة، كما يتعلم في الوقت ذاته الإقبال على ما يرتبط بأحداث سارة، وهذا يفسر الجانب العاطفي والنزوعي من الاتجاه، وفق ما أشارت إليه الدكتورة أمل دكاك- قسم علم الاجتماع جامعة دمشق.
ولفتت إلى أن هناك عدة مصادر تعمل على تكوين الاتجاهات وهي العائلة التي تغرس في الطفل اتجاهات أساسية خلال سنوات تربيته الأولى حتى يصل إلى سن خمس أو ست سنوات، فالوالدان والأسرة عموماً من أقوى العوامل المكونة للاتجاهات عند الطفل، فيما التعصب عند بعض الأجناس يتكون تدريجياً عند الطفل بعد أن يتعرف على اتجاهات والديه، وهناك العلاقات بين الأفراد أو الجماعات الرسمية أو غير الرسمية التي يختلط بها فيما بعد بحياته.
ومن المصادر الأخرى التي أشارت إليها هي تجارب الفرد الفريدة أو المعزولة أو التجارب المماثلة التي تتكرر خلال سنوات حياة المرء،كذلك الأمر فيما يخص تكوين الشخصية حيث له أثره في تهيئة الفرد وإعداده لتكوين الاتجاهات المختلفة، فمن طبيعة الشخصية التسلطية مثلاً أنها أميل لاتخاذ الاتجاهات المعادية نحو أفراد الأقليات.
ونوهت الدكتورة دكاك بالتأثير الثقافي والاجتماعي الذي ينقل عن طريق وسيط وهو عبارة عن العوامل والهيئات التي تقوم في المجتمع أو البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد بالمدارس، والمساجد، والكنائس، معسكرات الطلائع، والشبيبة والصلة بين اتجاهات الفرد والأنظمة الاقتصادية والأخلاقية والسياسية التي يعيش فيها، وبعد ذلك حسب رأيها يتعلم الفرد ويتطور أكثر بفضل ما يعرف بالتأثير الثقافي والاجتماعي المباشر سواء بنفسه أم بشكل معدل من الجماعات الاجتماعية التي ينتمي إليها.
طبيعة الاتجاهات
وعن طبيعة الاتجاهات ووظائفها بينت الدكتورة دكاك وجود خمسة أبعاد رئيسة تحدد طبيعة الاتجاهات وأنواعها منها: تطرف الاتجاه أي موقعه بين طرفين متقابلين هما التأييد التام والرفض أو المعارضة المطلقة.
الأمر الثاني هو المضمون أو المحتوى المعرفي،أي المعنى الذي يحمله هذا الاتجاه عند الفرد، فالفرد يؤيد موضوعا أو يعارضه كاستجابة لأمر ذاتي هو مفهومه عن موضوع الاتجاه وليس المفهوم الموضوعي والصورة الموضوعية عنه.
وضوح المعالم: هنا تتفاوت الاتجاهات في وضوحها وخلالها فمنها ما هو واضح المعالم بين التفاصيل ومنها ما هو غامض.
أما الانعزال فتختلف الاتجاهات من حيث درجة ترابطها ومقدار التكامل بين بعضها البعض، فهناك اتجاهات منعزلة لموقف الفرد مثلاً من العلوم الطبيعية أي منعزل عن اتجاهه نحو التربية والتقدم الصناعي.
ولناحية القوة توجد اتجاهات تتبقى قوية ثابتة على مر الزمن وهذا الاتجاه يميل عادة إلى القوة كلما ازدادت درجة وضوح معالمه.
وفيما يتعلق بوظائف الاتجاهات نوهت أستاذة علم الاجتماع بوجود الوظيفة النفعية لطالما الاتجاه يوجه الفرد إلى تلك المواضيع التي تؤدي إلى تحقيق أهدافه، فالانتماء إلى المنظمات والجماعات المعينة يتطلب وجود اتجاهات معينة، فيما اتجاه الوظيفة المعرفية يقدم تعليمات مبسطة حول طريقة السلوك تجاه موضوع معين أو موقف معين، فيما الوظيفة التعبيرية والتي تدعى بوظيفة القيمة والتنظيم الذاتي حيث يبرز الاتجاه كوسيلة لتخليص الفرد من التوتر الداخلي وكتعبير عن ذاته كشخصية.. بينما الوظيفة الدفاعية تساعد الفرد على حل الصراعات داخل الشخصية.