الثورة- رفاه الدروبي:
إيمان موصللي شاعرة تعتلي المنابر الثقافية لتُنشد نثرياتها الوطنية والعاطفية، كونها حاصلة على إجازة في الأدب الإنكليزي، وتعمل في مجال التدريس، إذ أنجزت ثلاث مجموعات شعرية الأولى عنوانها: «قلبي المغفور له»، ومجموعة أخرى «كريستال»، والثالثة «تاء التأنيث الثائرة»، الحاصلة على المركز الأول في مسابقة القصة القصيرة المنظَّمة من قبل نقابة المعلمين عام 2022، شاركت في مهرجانات شعرية وأدبية في دمشق ومحافظات عدة، وفي المراكز الثقافية والمنتديات الأدبية.
ترى الموصللي بأنَّ الشعر موهبة تنمو فينا دون أن ندري أو نلاحظ، وفجأةً وعلى حين غرَّة تطفو على السطح فمنذ أيام الدراسة كانت كتاباتها مميزة في مادة اللغة العربية وبشهادة مُدرِّسيها، لكن تطورت موهبتها في مرحلة التعليم العالي إلى نص شعري رأى النور عندما راح النقَّاد والشعراء يرون أن هناك بذرة موهبة لا بدَّ من سقايتها ورعايتها، وتطوير ذاتها بالقراءة والتعمُّق في تجربتها.
قصيدة النثر كما تُعرِّفها من خلال قراءاتها عنها وخبرتها ضمن تجربتها في كتابتها: إنَّها كيان أدبي مستقل لا تستند على الوزن والبحور الشعرية المتعارف عليها؛ بل تعتمد على جمالية اللغة وإيقاع الكلمة أكثر ما يميزها ابتكار صور شعرية خارج المألوف والمطروق، ما يمنحها بعداً جمالياً يخصُّها وحدها، وتعتمد على عنصر التكثيف في طرح الفكرة بعيداً عن السرد والإطالة كونها أقرب إلى الواقع وخليلة العصر، حيث تتناول مفردات طازجة، وتوظِّفها بما يخدم القصيدة ووحدة الفكرة.موصللي أشارت إلى أنَّ الحداثة في قصيدة النثر ليست مجرد استعراض؛ لكنَّها البنية الأساسية لها وابنة وقتها. تُحاكي جوانيَّات الشاعر وأحلامه وهمومه في عصرنا الحالي ضمن سياق شعري مبتكر ببساطة تقترب إلى الغموض، وتبتعد عن المباشرة، لافتةً إلى أنَّ الاستسهال في قصيدة النثر حكم جائر عليها، أن تكتب نصاً شعرياً لا يتكئ على عامود الشعر ولا على أرجوحة أوزانه؛ بل تحمل مهمة غاية في الصعوبة تتطلَّب ثقافةً عاليةً، وعمقاً معرفياً لانتقاء مفردات مرصوفة ضمن صور مغايرة تجذب المتلقي، وتثير شهية خياله، واعتبرتها غاية النص، ومن الصعب في وقتنا الحالي إشعال شرارة اهتمام القارىء ببساطة، بل على شاعر قصيدة النثر أن يبذل جهداً مضاعفاً كي يبرهن على أنَّ نصَّه يستحق الضوء ومجازفة كبيرة ومغامرة ممتعة تجعل الشاعر والمتلقي يجولان في غابات اللغة بشكل جديد وغير معتاد بل مبتكر.
كما أوضحت بأنَّ الشعر الخليلي إرثنا الغالي، وعلى من يكتب الشعر أن يطَّلع ويتعمَّق في تجارب من سبقه من أعلام أدبية وشعرية نفتخر بها، مُبيِّنةً بأنَّها تحترم الشعر العامودي وتُقدِّر كاتبيه، لكن لا يلغي ذاك فلكلِّ جنس أدبي قيمته، ولكلِّ أدب أصوله وقواعده، وعلينا كشعراء التجديد أن نبتكر، ونطوِّر أدواتنا دون أن نتبرَّأ من القديم، فالحداثة سمة العصر وليست حكراً على قصيدة النثر، أمَّا بالنسبة لقاموس مفرداتها فواسع الطيف، واللغة بشكل عام عملية تراكمية؛ واللغة العربية بشكل خاص لغة غنية جداً، وبأنَّها تستقي منها ما يتناسب مع نصوصها، بينما اللغة في الشعر وسيلة وليست غاية، والمتمكن منها قادر على ترويض مفرداتها تارة أو تركها لجموحها في أخرى.
ثم تابعت حديثها بأنَّ الأنثى أيقونة الجمال على مرِّ العصور؛ لكن برأيها الجمال الخارجي له عمره الافتراضي أمَّا جمال الروح يبقى، وينحت شخصية المرأة ويبرِّر خوضها في معتركات الحياة والأخلاق أكبر حماية لها، ولعل ثقتها بنفسها تمنحها الإرادة والنفس الطويل على خوض كل الصعاب والتمكن من هزيمتها، مؤكِّدةً على أنَّ الشعر قيمة مضافة للمرأة يمنحها قوة ناعمة وقدرة فائقة على التعبير بطريقة مُرمَّزة ومشوّقة، مشيرةً إلى أنَّ موضوعات قصيدة النثر تعدّ ككل الأدب متباينة، ومتنوعة فمنها الوجداني، والفلسفي يلامس آلامنا اليومية، وليست بعيدة عن ما نحياه في أوطاننا.
