منذ فترة ليست بعيدة وفي حديث عن العمل والشباب وما يعانون من ضغوطات الحياة تسألني إحدى الصديقات: ألم تسفر ابنك إلى العراق أو أي دولة أخرى؟
لا يا سيدتي لم أفعل ولن أفعل أبداً حتى إذا فعلت أنا فهو لن يرضى أبداً..
تدخل زميل آخر وقال: بصراحة أنا أعد ابني للدراسة في فرع مرغوب في ألمانيا..الدراسة هنا أقل كلفة وبعد أن يتخرج يمكنه أن يسافر لقد فعل ذلك الكثيرون من قبله والحبل على الجرار ..
دون مقدمات صار الأهل ـ بعضهم ـ يسأل عن سوق العمل في الغرب ما المطلوب ما الفرع الجامعي الذي يجد عملاً له في ألمانيا أو في دول أخرى.. نزيف الشباب كارثة وطنية والكارثة الأكبر الصمت الذي نراه حولها ..الحكومة معنية بمعرض للسيارات هنا أو بتدوير هذا المدير أو ذاك.
قرارات لا تتيح للشباب المبدع أن يرى أنه قادر أن يحقق فرصة نجاحه هنا.
مهندسون يتم فرزهم في غير محافظاتهم هل تعرفون أن أجرة غرفة واحدة من درجة (الاسطبلات المعتمة) تصل إلى ٥٠٠ ألف.
لم يأكل المهندس ولم يشرب ولم ..وراتبه لا يصل الـ ٣٠٠ ألف في أول تعيينه..
ماذا تفعل الحكومة ماذا تفعل الإدارات..أليس التفكير مثلا بإيجاد مكان ما لسكن هؤلاء ولو جماعياً..؟
مؤسسات كثيرة شبه خاوية يمكن تخصيص حيز منها لهم مقابل اشتراك معقول كما لو كانت كالمدينة الجامعية،إجراءات الحلول كثيرة لمن يريد أن يعمل وهذه من واجبات الحكومة..
لا يكفي أن نخرج على الإعلام ونقول: لقد تم فرز وتعيين آلاف المهندسين ..هذا ليس إنجازاً أبداً..
الإنجاز أن تتابع أوضاعهم وكيف سيكون عملهم بعد تأمين الحد الأدنى من المستلزمات.وقس على ذلك الأطباء وغيرهم..
ننفق المليارات على شبابنا نعدهم للغد ولكن يا للأسف ليس في بلادنا إنما للآخر..
ألم يسأل أحد ما نفسه: لماذا يتحمل شبابنا الغربة وما فيها من قسوة و…على أن يبقوا هنا ..ماذا علينا أن نفعل بالحد الأدنى لبقائهم بكرامة..
لا تقل لي: الواجب الوطني ..نعم الواجب الوطني مقدس ولكن ليس عند الجميع ..بمفارقات بسيطة يحسب الشاب ما يجب أن يفعله لمستقبله في سورية فيجد انه يحتاج إلى عمر ١٠٠ عام بمرتب عال جداً ليؤمن شبه سكن …وغير ذلك.
امرأة مثقفة ذات يوم سألتها عن أبنائها قالت: الآن مع كل حزني عليهم أقول: الحمد لله أنهم سافروا ولم يسمعوا كلامي بالبقاء..
أيها السادة المسؤولون: الوطن ليس مواكب سيارات مسؤولين ومديرين وغيرها من البذخ هو لقمة عيش بكرامة .. هو للجيل القادم ..لماذا علينا أن نبقى صامتين أمام هذا النزف ؟
ومع كل هذا: هنا متجذرون باقون باقون ولابد أن يداً حانية تعمل وتعمل من أجل الغد..
سلام بلادي من كلك إلى كلك وإلى كل شبابنا.

السابق