الثورة- لينا إسماعيل:
قبل بضع أعوام فقط كان مصطلح الربح بالنقر بالنسبة لكثير من المتعاملين مع الشابكة الإلكترونية مفهوماً مبهماً فكيف بالعامة من الناس!، ما لبث أن أصبح هذا المفهوم وخلال فترة وجيزة ضالة صناع المحتوى عموماً، والتسويق الإلكتروني بشكل خاص.
ذلك أن الحصول على ترتيب مرتفع عبر غوغل google غدا اليوم أهم أهدافهم، ما دفعهم لابتكار طرق مختلفة للإعلان تحقيقاً لهذه الغاية، وذلك إما لاقتحام أسواق ومساحات جغرافية جديدة، أو للتغلب على المنافسين، أو لحملات تستهدف الظهور في فترة معينة من السنة.
وتالياً ظهرت طريقة الربح بالنقر بكل سهولتها وسرعتها كأحد أبرز الأشكال المبتكرة للإعلانات عبر الشابكة الإلكترونية، وأطلق عليها اسم إعلان الدفع بالنقر ppc الذي يضع فيه المعلن ميزانية إعلانه على منصة غوغل أو فيس بوك face book كمثال، ويدفع مقابل النقرات التي يحصل عليها عندما يحدث التفاعل المطلوب بالنقر، وحتى بالمشاهدات فقط.
المهم أن تنقر أو تشاهد حتى !! وهكذا غدا التسويق والربح المبتكر عبر محركات البحث، باعتبارها منصات شعبية تتيح عرض المحتوى أو الإعلانات ذات الصلة بما يبحث عنه المستخدم، وزيادة الحصة التسويقية وفقاً للبحث.
كما ظهرت أنواع مشابهة أيضاً لطريقة الدفع بالنقر مثل الدفع لكل ألف ظهور cpm والدفع لكل مشاهدة ppv والدفع لكل مدة زمنية يقطعها المشاهد في متابعة محتوى أو إعلان معين، وغيرها من أساليب الربح التي لانهاية لها، والتي أدخلت المتعاملين مع هذه الشابكة في سباق محموم نحو مزيد من الأرباح مهما كانت الوسيلة والمادة المقدمة، المهم تحقيق الهدف التسويقي الربحي، حتى وإن كان بعيداً عن الاحترافية في كتابة المحتوى أو الإعلان، ما أدى في كثير من الأحيان إلى الابتذال وانتشار السطحية في التعامل مع الفئات الاجتماعية المستهدفة وغير المستهدفة على حد سواء، وهنا الطامة الكبرى، حيث برزت مفاهيم وسلوكيات بعيدة جداً عن الواقع الذي نعيش بكل تحدياته وصعوباته وحجم الحرمان الذي تكابده فئات عريضة من المجتمعات.
من الجدير ذكره هنا أن الرسالة الإعلانية عريقة التاريخ، حيث ظهرت في العصور القديمة بالكتابة على الصخر باستخدام لوحات جدارية، والكتابة على ورق البردى وذلك مابين روما واليونان القديمة والجزيرة العربية.
لتخلف لنا بعد مئات السنين مظهراً عريقاً من أشكال الإعلان القديم، ما يؤكد أن الإعلانات أسلوب قديم في الترويج للمنتج أياً كان نوعه، إلا أن التطور الهائل الذي وصلنا إليه اليوم في تنفيذ إعلانات لحظية كما ذكرنا كالدفع بالنقر pay per click وغيرها من الأشكال التي توجه الزيارات على الإنترنت نحو مواقع محددة وإصدار المعلومات على مدار اللحظة عبر آلة الشبكة العنكبوتية الطاحنة سواء كانت تجارية أو خدمية أو ثقافية أو في أي منحى مستهدف يتجاوز حدود المكان والزمان.. هذا التهافت الذي وصل حد التسول الإلكتروني أحياناً أصبح ينضوي على مخاطر وسلبيات لا يمكن تجاهلها في التأثير على فكر وسلوكيات المتلقي، نتيجة افتقاد المضمون غالباً لأي منتج قيمي، ولكن يبدو أنه من الصعب مجابهة هذه المخاطر، أو حتى التحصن منها في ظل غزوها اللحظي، الذي اخترق كل الحواجز والضوابط الاجتماعية للأسف، في الوقت الذي يجني فيه صناعها أرباحاً طائلة.
