رؤية نهاية إسرائيل

أعتقد أن الكيان الصهيوني وصل إلى نهايته فعندما نفكر بعمق نرى أنه يواجه ذلك المصير المحتوم فهو ثمرة النظام الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية 1945 أي ثمرة للمنظومة الأوروبية الغربية، وهذه الثمره لها دورها وهي أن المنظومة كلها تهتز، وهذا يعني أن ما ارتبط بها من مسببات وجود سوف تهتز كذلك إضافة إلى أن المنظومة الجديدة لم تولد بعد، فغرامشي كان يقول العالم القديم يموت والعالم الجديد لم يولد بعد وحتى ذلك الوقت ستخرج الكثير من الوحوش، ومع أنه لا توجد امبراطورية تنازلت دون حرب أو صراع، يضاف إلى ذلك أن إسرائيل عندما وجدت وولدت كان ذلك بشكل غير شرعي على الرغم من وجود قرار أممي ولكنه كان بضغط وبفرض من قوى مسيطرة على هيئة الأمم، فلا يوجد تاريخ لهذا الكيان فهو وجد واستزرع واستنبت بالقوة، فعندما تأتي جماعات من بولندا وروسيا وفرنسا وألمانيا والحبشة، ويتم تجميعها في أرض بها شعب عمره آلاف السنين وثقافة وتاريخ ويزعم هؤلاء اللقطاء أن هذه الأرض دون شعب ثم يجدون بعد 76 سنة أن هذا الشعب غير الموجود بزعمهم يقاتلهم، فأي إنكار وأية شرعية تدعيها، فهذه المنظومة بنيت على شهادة كاذبة وتزوير تاريخي غير مسبوق وجسم ومولود نتاج زواج غير شرعي يراد الاعتراف بشرعيته من أصحاب الأرض والتاريخ، فهو كيان مصنع أو لنقل مصطنع ليس من جسم وسكان وثقافة هذه الأرض، فهم طارئون عليها لابد من أن تتقيأهم، فنتنياهو البولندي وغيره الروسي أو البريطاني أو الاثيوبي هم صناعة ظروف طارئة والطارئ يتغير مع الزمن وترفضه الأرض وأهلها فكم من غاز وطأ هذه الأرض منذ آلاف السنين من الروم إلى الفرس إلى التتار والصليبيين إلى الإنكليز والترك وغيرهم فذهبوا وبقي أصحاب الأرض الأصليون فهذه الأرض ترفضهم، ولعل ما جاء على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن عندما زار الكيان بعد معركة الطوفان حيث قال: يجب أن نعمل على ادماج إسرائيل في المنطقة هو دليل على رفض شعوب المنطقة لهذا الكيان الغريب عن تاريخه وثقافته وأهله، وهو دليل على فشل ما سمي سياسة التطبيع مع العدو الصهيوني والتي مضى عليها أكثر من خمسة عقود دونما تحقيق أي نجاح يذكر على المستوى الشعبي.

إن عدم وجود شرعية وجود هو الذي يفسر زوال هكذا كيانات استيطانية والأمثلة كثيرة من جنوب إفريقيا إلى الجزائر وصولاً لفلسطين التي لايمكن لبؤرة استيطانية النجاح في إلغاء هوية شعب هو اليوم متمسك بأرضه أكثر من أي وقت مضى على الرغم من كل أشكال التهويد والقتل والتدمير الممنهج لكل أسباب الحياة بحيث تصبح الأرض طاردة للسكان، فثمة أمر واقع بحكم القوة وليس وجوداً شرعياً، فثمة فرق شاسع بين الواقع والحقيقة، فالواقع قد تفرضه القوة ولكن الحقيقة تحكمها مسألة الشرعية، فالكيان الصهيوني واقع ولكنه ليس حقيقة، وقد أثبتت أحداث غزة أنه كيان تحميه القوة الخارجية وليس قوته الذاتية، فقوة الحامل هي السبب وليس قوة المحمول.

إن ما هو قائم وواقع في فلسطين ليس شعباً. أو أمة بل خلطة عجيبة من مجتمعات متعددة لم تستطع عملية الصهر خلق حالة انسجام حقيقي بينها، فنحن أمام تجمعات أو جماعات جيء بها من كل أصقاع العالم لصهينتها عبر بوتقة واحدة ولكن هذا لم يحصل بدليل التناقض القائم بينها حالياً من علمانيين ومتدنيين وسفارديم وأشكناز وفلاشا ويهود روس لا ينطبق عليهم تعريف اليهودي، فلم يستطع الصهاينة بناء دولة الأمة رغم كل عمليات الصهر والصهينة فهو مشروع مؤقت قابل للسقوط في أية لحظة ويشعر بعقدة عدم الاعتراف بوجوده ما يجعله يعيش حالة قلق وجودي لا يعرف الاستقرار لأن عدم الاستقرار يعني عدم الاستمرار وهذا هو حالهم.

وبناء على ماسبق فإن ما يقوم به هذا الكيان حالياً هو طبيعي ومتوقع فيجب أن لا نستغرب ما يجري في غزة وغيرها من حواضر فلسطينية من أعمال قتل واغتيال وتدمير ممنهج وسباحة في الدم الفلسطيني والعربي مع ترشح وتوقع للمزيد من ذلك السلوك العدواني، فإسرائيل بهذا المعنى منسجمة مع ذاتها مع العقد النفسية الكامنة في الشخصية الصهيونية القلقة والتي تشعر باستثنائيتها وتميزها بل وعزلتها النفسية والغيتو الذي تضع نفسها فيه إنها منظومة قابلة للتفكك لأن لديها مشكلة وجودية تقلقها كما أشرنا، وهذا يفسر الانحراف التام في العقلية الصهيونية من حالة الاستقرار النسبي عند التأسيس في عهد بن غوريون ومن تبعه إلى حالة العنف والنزق والتوتر والتطرف التي تعيشها حالياً، فالمنظومة الغربية الصاعدة عند التأسيس تتحول اليوم إلى منظومة هابطة ما يفسر حالة الهستيريا التي تعيشها راهناً، فاسرائيل هي التي تسير إلى حتفها ونهايتها بالطريقة التي تتعامل فيها مع الوقائع والأحداث، فجاء طوفان الأقصى ليعجل في نهاية ذلك الكيان الطارئ، فثمة أحداث مفاجئة في التاريخ وغير محسوبة تؤدي إلى تحولات نوعية في مجراه، فتلغي دولاً وكيانات وتحيي وتنتج أخرى، وهذه تحتاج إلى بصيرة المحلل والعقل الاستراتيجي ليكتشفها باستبصاره ورؤيته الكاشفة لما هو مخبوء في التاريخ، ولعل ما أوجده طوفان الأقصى وكشف عنه وأبرزه هو من ذلك القبيل، فثمة انعطافات ومسرعات في التاريخ، فالانعطافات كانت حاصلة، فجاء ت معركة طوفان الأقصى لتسرع بها وتدفع باتجاه مشهد دولي جديد يغير في موازين القوى الدولية في عير صالح الكيان الصهيوني وليعجل في نهايته بتآكل وتفكك حوامله التاريخية وهي الغرب بضفتيه.

 

 

 

آخر الأخبار
ضربات جوية تستهدف مناطق بريف إدلب تخلّف قتلى وجرحى كتّاب اللاذقية يطالبون بمشاركة أوسع وتحسين واقعهم المادي السورية للاتصالات: انقطاع الانترنت سببه عطل فني مؤقت تأمين مستلزمات العملية الامتحانية بالتعاون مع "اليونيسيف" الشرطة السياحية.. تعزيز للثقة بين السياح والمجتمع المحلي إزالة ألغام ومخلفات حربية في درعا  اقتصاد العيد.. يرفع حركة الأسواق 20 بالمئة السلم الأهلي.. ترسيخ القيم الاجتماعية والمبادئ السماوية د. عليوي لـ"الثورة": محاربة الجريمة بكل أشكا... ملك الأردن والرئيس اللبناني: أهمية الحفاظ على أمن واستقرار سوريا السّلم الأهلي.. يرسم ملامح سوريا ويخطّ مسارها الوطني تأمين نقل للمراقبين والإداريين المكلفين بالامتحانات في جرمانا "يديعوت أحرونوت":  استغلال ولاية ترامب للتوصل لاتفاقيات مع الدول العربية  توزيع بطاقات الامتحان بحلب لطلاب التعليم الأساسي اقتصاد " الأضحى"  نقلة جديدة.. السفكوني لـ"الثورة": محرك الأنشطة والإنتاج "سويفت" قاب قوسين.. د. كنعان لـ "الثورة": يحفز النمو والاستثمار في الاقتصاد السوري السياحة تعمم إجراءات السلامة والأمان في الشواطئ والمسابح فضل عبد الغني: رفع العقوبات الأميركية عن سوريا تحوّل استراتيجي يفتح باب الفرص مواطن بلا سمك.. و٢٩٨ نوعاً من الأسماك  حصة الفرد لا تتجاوز الكيلوغرام سنوياً.. سوريا ثانياً في قائمة مستوردي المركبات من الأردن The New Arab: لماذا يعتمد مستقبل سوريا على قطاع الطاقة؟.