الثورة – هيثم قصيبة:
تشير تقارير هيئة الأمم المتحدة إلى تزايد معدلات الفقر بين السوريين، فخلال عام 2024 وصلت النسبة إلى تسعين بالمئة، وأوضحت أن أكثر من 13 مليون سوري يعانون من نقص الأمن الغذائي، وصعوبة تدبير احتياجاتهم المعيشية الضرورية في ضوء تدهور الاقتصاد السوري، وارتفاع تكاليف المعيشة، وازدياد نسبة التضخم بمعدلات عالية ما أدى إلى انهيار قيمة الليرة السورية وتعميق الفجوة بين مستوى الدخل المنخفض وارتفاع نسب الغلاء للسلع التموينية والمواد الغذائية.
إن 14 عاماً من الصراع مع الطغيان الذي دمر البلاد، ساهم بشكلٍ مباشر بازدياد عذابات غالبية السوريين الناجمة عن توحش آلة القمع والتدمير الممنهج، وهذه السياسة التدميرية أفقرت الشعب السوري ورفعت معدلات الفقر وضربت في الصميم قطاعات الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي.
لقد وجدت الحكومة الجديدة نفسها بعد التحرير أمام تحديات عديدة، ومنها تحدي الفقر وتفاقم نقص الأمن الغذائي للعائلات السورية الفقيرة خاصة سكان الأرياف وضواحي المدن غير المنظمة، وفي ضوء هذه الأوضاع المعيشية الصعبة كان لابد من الانخراط في معركة مكافحة الفقر، وهذا ما دعا له السيد الرئيس أحمد الشرع الذي اعتبر معركة الفقر لا تقل أهمية عن معركة التحرر من الطغيان التي تم الانتصار فيها على النظام البائد، وانطلاقاً من أهمية مكافحة الفقر وسبل تعزيز الأمن الغذائي للأسر السورية الفقيرة تحدثنا مع الخبراء عن رأيهم بإيجاد الخطط المناسبة للحل والمعالجة وتذليل التحديات.
دعم الإنتاج الزراعي
الباحث الخبير الاقتصادي من جامعة اللاذقية يحيى عبد الرحمن أكد لـ”الثورة” أن مواجهة معركة الفقر وتعزيز الأمن الغذائي للأسر السورية الفقيرة يتم من خلال اتباع نهج اقتصادي شامل يرتكز على دعم الإنتاج الزراعي، وتحسين القدرة بالوصول إلى الغذاء، وتوفير النظام الغذائي المتوازن، ويتحقق ذلك من خلال تأمين المستلزمات الزراعية للمزارعين بأسعار تشجيعية حتى يتمكنوا من الإنتاج الزراعي الذي يحقق لهم الأرباح ويؤمن الطلب الغذائي.
وأضاف عبد الرحمن: إن الاهتمام بالزراعات الاستراتيجية وإقامة معامل التصنيع الغذائي وإيجاد فرص العمل للأسر الفقيرة ضمن هذه المعامل يجب أن تكون من أولويات الدعم للفقراء من قبل الحكومة الجديدة.
ولفت إلى أن تعزيز الأمن الغذائي وتحسين سبل العيش يرتكز على توفير الأغذية وتنميتها بطرق فعالة مستدامة، وكذلك إيجاد الكوادر والخبرات التي تواجه تحديات الفقر والنقص الغذائي.
وأكد عبد الرحمن أن أهم التحديات الراهنة للنقص الغذائي هي تدهور الأراضي الصالحة للزراعة بفعل تجدد العوامل الطبيعية وتغير المناخ وانتشار ظاهرة الجفاف وانحباس الأمطار، وصعوبة تأمين الري الضروري المنتظم للزراعات والمحاصيل الزراعية، إضافة إلى عوامل تتعلق بالتربة والتصحر، والنمو السكاني المطرد، وعدم تناسب الإنتاج، وكفاية الموارد مع التزايد السكاني المطرد، لافتاً إلى أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والاعتماد على المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والخضار الباكورية، إضافة لتوسيع القاعدة الغذائية من الإنتاج الحيواني والثروة السمكية وزراعة المحاصيل الأكثر قدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وختم كلامه حول أهمية منح القروض للأسر الفقيرة لكي تقوم بالمشاريع الصغيرة مما يحقق لها الدخل المطلوب الذي يؤمن لها احتياجات وضرورات العيش.
إيجاد فرص عمل
من جهته الباحث والخبير الاقتصادي إبراهيم قوشجي أكد أن تأمين فرص العمل للأسر الفقيرة من أهم الأمور التي تخفف حدة الفقر وتؤمن قضاء الحاجة الغذائية، مضيفاً: إن الاهتمام بالقطاع الزراعي والصناعي بات ضرورة حتمية فقطاع الزراعة متنوع جداً ويستوعب العدد الكبير من العمالة، وهو أهم قطاع في سوريا، وبقدر الاهتمام بهذا القطاع بقدر ما نحقق الأمن الغذائي، وأيضاً الاهتمام بالثروة الحيوانية، إذ يوجد لدينا غنم العواس والماعز الجبلي والماعز الشامي والحمام الدمشقي.
وأشار قوشجي إلى أهمية استثمار النباتات العطرية وجبال الساحل على سبيل المثال غنية بهذه النباتات ومن الممكن أن يتم تأمين الظروف المناسبة والمقومات المطلوبة لكي تعمل الأسر الفقيرة بهذا المجال حيث يمكن استثمار النباتات وتصديرها والقطاع الزراعي بشكل عام بحاجة إلى تجديد وسائل العمل والإنتاج كشف الطرق الزراعية والدعم بالقروض من أجل شراء شبكات الري الحديثة.
وحول مكافحة الفقر أكد قوشجي أن الأمر يحتاج كما ذكرت في البداية إلى إيجاد فرص العمل، وهذه مهمة الحكومة ونعتقد أنها وضعت أولوية مكافحة الفقر ببرامجها الاقتصادية، وبشكل عام لابد من عودة المشاريع الصغيرة ودعم الأسر الفقيرة لكي تشتغل بها مما يحقق الأمن الغذائي والدخل الضروري للعيش الكريم.