من يعمل أكثر ـ من الطبيعي جداً ـ أن يكسب أكثر .. ومن يجتهد أكثر من المؤكد أنه سيكافئ مادياً ومعنوياً أكثر بكثير ممن يضعون الكف بالكف، واليد على الخد بانتظار حدوث معجزة، أو ظهور منقذ “فضائي أو أرضي.. غير مهم” يخرجهم من عنق زجاجة “صفر حلول .. صفر محاولات .. صفر مبادرات .. صفر اجتهادات” التي وضعوا أنفسهم بداخلها.
البعض “وهم كثر” يضعون كرة ملف التأهيل والتدريب في ملعب الوزارات والإدارات والهيئات والمؤسسات والشركات العامة، ويؤكدون أن هذا البند المهم والحساس جداً ما هو وللأسف إلا زيادة في عدد صفحات خطط وبرامج واستراتيجيات العمل السنوية لدى بعض الجهات العامة التي لم تحرك ساكناً منذ عقود أو تسجل ولو خطوة خجولة في هذا الملف، في حين يثبت البعض الآخر بالأفعال والخطوات العملية على الأرض لا بالأقوال والأوراق أولوية وأهمية ملف التأهيل والتدريب وضرورة العمل على توسع مظلته ورقعة انتشاره ليشمل جميع الاختصاصات والكوادر الفنية والتقنية، التي أثبت البعض منها وفي أكثر من جبهة عمل داخلية أن النجاح يجر النجاح، كما الفشل يجر الفشل، والمال يجر المال.
النجاح ـ وبكل تأكيد ـ لا يمكن اختصاره بكتاب شكر من الإدارة أو بحفل كوكتيل عابر أو بصورة تذكرية مع الشخص المسؤول، أو بمهرجان خطابي “له أول وليس له آخر”، أو بتوقف عجلة الدورات التدريبية ـ التأهيلية، وكأن الأمر إنجاز وتحقق أو نقطة وانتهى، لا بل على العكس، فديمومة النجاح القائمة على المقولة القائلة “المحافظة على القمة أصعب بكثير من الوصول إليها” تحتاج إلى ذهنيات وعقول وأدمغة وإدارات قادرة على إيلاء هذا الملف كل الاهتمام والرعاية والمتابعة والدعم اللازمة لإعداد كوادر بشرية “جديدة إلى جانب الموجودة حالياً” قادرة على تلبية حاجات العمل والتطورات والتغيرات السريعة التي يسجلها سوق العمل، ومواكبة مسار التدريب أثناء الخدمة نظراً للأهمية الكبيرة التي تهيئها لا تحجبها الإدارات للموظف من معارف ومهارات جديدة تتطلبها مهنته، ولاسيما لجهة إطلاعه على أفضل الحلول للمشكلات التي قد يواجِهها أثناء ممارسته لمهنته بالشكل الذي يزيده تمَكناً وتمرساً في أداء عمله ومساعدته على اجتراح الحلول والابتكار لا تجنب الأخطاء فقط.
باختصار كما ملف التأهيل والتدريب أو الاستثمار الأمثل والأكمل لرأس المال البشري يحتاج إلى ميزانية وكتلة نقدية خاصة “توازي أو تعادل جزءاً من الوفر والإنجاز الذي تم تحقيقه”، فإن العامل يحتاج إلى تكريم ودعم مادي استثنائي ـ مجز لا يمت لنظام الحوافز والعلاوات والمكافآت بصلة لا من قريب أو بعيد ..
يحتاج إلى منشطات نقدية، وكتل مالية، وإدارات تمكنه من امتلاك أسباب القوة “المادية أولاُ والمعنوية ثانياً” والنجاح والتعملق والتطور، والاستفادة من التكنولوجيا، وتسريع وتيرة الابتكار، ونسف فكرة الهجرة أو التسرب أو الدخول في دهاليز “فائض يمكن الاستغناء عن خدماته ـ أو بحكم المستقيل”.

السابق
التالي