من يعيد جمال العالم ..؟

الثورة -ديب علي حسن:
حين تحدث أحد الشعراء الفرنسيين عن جماليات القبح في الشعر والإبداع بشكل عام لم يكن يتخيل حتى في أحلك ساعات هلوسته أن العالم سوف يصل إلى مرحلة القبح هذه ليس كحالة جمالية إنما كتوحش حضاري بعد أن تخلى الغرب عن كل ما بقي من جماليات الإبداع.
ولهذا لم يكن مستغرباً أبداً أن يشد بعض مبدعيه الرحال إلى سحر الشرق كما فعل لامارتين ورامبو وريلكن وغيرهما لقد تصحر الغرب وفقد كل إحساس أمام هذا التغول في الغربة القاتلة كان لابد من العمل على مخصبات العودة إلى الجمال ولا شيء أكثر أهمية من الفن هذا ما طرحه أرنست فيشر ودافع عنه في كتابه (ضرورة الفن) ..توحش الغرب.
يرى فيشر أن العالم الرأسمالي التجاري الصناعي قد تحول (إلى عالم خارجي له علاقات مادية متينة وروابط مادية لا تنفصم.ويشعر الإنسان الذي يعيش وسط هذا العالم بالغربة عنه وعن نفسه. وكثيراً ما يوجه النقد إلى الأدب الحديث والفن الحديث لأنها يحطمان الواقع.
ولا شك في أن ثم اتجاهات كهذه غير أنه ليس من الصحيح أن الكتاب والرسامون هم الذين ألغوا الواقع أو حطموه، فالواقع الذي بات ينتمي إلى ما قبل الأمس الواقع الذي غدا منذ أمد طويل شبحاً لما كان عليه نجده محفوظاً في إطار جامد من العبارات والأحكام المسبقة والنفاق. وإن الإنتاج الأخير لتلك الآلة الضخمة للبحث والاستقصاء والتحليل والإحصاء وعقد المؤتمرات وتقديم التقارير وعناوين الصحف هو هذه الصورة المضحكة التي تجسد عالماً موهوماً يقال إنه ملك لكل إنسان، وهو بالوقت نفسه ليس ملكاً لأي إنسان، فالوهم يحل محل التناقض، وينتج عنه التعدد الهائل في وجهات النظر أن يفرض تماثل الرأي البغيض وتسبق الإجابة السؤال وتقدم المرة بعد المرة عشرات من الاكليشيهات التي كان بعضها في يوم من الأيام انعكاساً صحيحاً للواقع ولم يعد اليوم من شبه بينها وبين الواقع إلا بقدر ما نجد من شبه بين ملوك البترول وصور القديسين.
وقد كتب الكاتب النمساوي الساخر كارل كراوس يقول:أصبحت أعتقد أن الأحداث لم تعد تحدث وأن الاكليشيهات تتحرك بدلاً من ذلك من تلقاء نفسها.
إن الأمور أصبحت أعقد من أن يستوعبها الناس والوسائل تجاوزت الغايات والأدوات تجاوزت المنتجين، وقد كتب كارل كراوس عن الصحافة يقول:مرة أخرى نجد خرجت عن سيطرتنا لقد كلفنا أحد الرجال بأن يقدم لنا تحقيقاً عن الحريق المشتعل، وكان من المفروض أن يؤدي دوراً ثانوياً تماماً في الدولة بأسرها إلا أنه وضع نفسه فوق الدولة وفوق النار المشتعلة وفوق البيت المحترق بل فوق الحقيقة وفوق خيالنا.وقد كتبت هذه الكلمات منذ نصف قرن.
ومع ذلك الحين سارت عملية تحطيم الواقع بخطى فسيحة. ولم يعد ضياع الحقيقة هذا خافياً على الكثيرين من الفنانين والكتاب ذوي الموهبة والإخلاص في العالم الرأسمالي. وهم يرفضون أن تسوقهم إلى الضلال تلك العبارات البطالية والجمل الزائفة، ويرفضون ذلك النظام الذي يفرضه عليهم الرأي العام المسيطر، ويقدمه لهم على أنه الحقيقة والواقع، ويصرون على رؤية الأشياء كما هي. إنهم ينبذون كل أشكال الدعاية ولا يطمئنون إلى أي إيديولوجية، ويتصدرون للبحث عن واقع يتخطى العالم الوهمي المؤلف من أشباه الحقائق والعبارات والنظام الإصطلاحية. لقد عقدوا العزم على ألا يتحدثوا إلا عما يتاح لهم أن يروه أو يسمعوه أو يلمسوه أو يدركوه بحواسهم إدراكاً مباشراً. فهم يتشبثون بالتفاصيل الصغيرة بكل تفصيل له واقع حقيقي يمكن رؤيته أو الاستماع إليه ويتشككون في كل ما يتجاوز هذه التفاصيل، ويحاولون أن يشكلوا منها في حذر ودون تعليق صورة حقيقية للواقع.
إن حركة الوضعية الجديدة التي انتشرت أخيراً ليست حركة سلبية تماماً فهي تستجيب جزئياً للرغبة في الوصول إلى أحكام صادقة لا تتأثر بأفكار مسبقة.)خلاصة الوصفة للعودة إلى روح الإنسانية والخلاص من براثن التوحش هي العودة إلى الفن وليس أخذ الفن إلى التوحش كما حدث منذ فترة من الزمن حين تخلى بعضهم عن جماليات الإنسان في إبداعه. والآن يعيدون الموجة في الاستلاب الأزرق وما يسمى إبداعاً وهو ليس إلا هراء لا معنى له.

 

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى