الثورة-عمار النعمة :
يبرح في الذاكرة أسماء لا يمكن أن تُنسى أو تمحى فهي عبر السنين قدمت مسيرة حياة مشرّفة بكل تفاصيلها، فمثلاً تمر هذه الأيام ذكرى وفاة الشاعر الكبير سميح القاسم، هو واحد من أبرز الشعراء فى فلسطين، وقد اعتبره الكثير من النقاد شاعر العروبة الأول في العصر الحديث فهو الذي عزف على وتر الوطنية الفلسطينية أعذب الألحان القومية والإنسانية، ولأن سميح القاسم هو الشاعر الذي أعطى للشعر جمال الروح ، فانتصبت القصيدة شجرة عطاء يقول: حمامٌ مقيمٌ على سطح داري غمامٌ جديدٌ على شُرفات النهارِسلامٌ على غضب العمرِيوماً فيوماً وشهراً فشهراً وعاماً فعاماً.
ولد سميح القاسم في مدينة الزرقاء بالأردن في 11 أيار 1939 لعائلة فلسطينية من قرية الرامة الجليلية، درس المرحلة الإبتدائية في مدرسة اللاتين في الرامة (1945 – 1953)، ثم درس في كلية تيرسانطا في الناصرة (1953 – 1955)، ثم نال الثانوية في سنة 1957، ليسافر من بعدها إلى الاتحاد السوفياتي حيث درس سنة واحدة الفلسفة والاقتصاد واللغة الروسية.
اعتقله العدو الصهيوني مرات عدة، وفرض عليه الإقامة الجبرية بسبب مواقفه الوطنية والقومية، حيث تناول في أشعاره كفاح ومعاناة الفلسطينيين، ليشكل القاسم مع الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش عصب أدب المقاومة الفلسطينية، وتوءم مسيرة حافلة بالنضال والإبداع والحياة، أسهم سميح القاسم في تحرير مجلة «الغد» و«الاتحاد» ثم أصبح رئيساً لتحرير جريدة «هذا العالم» في عام 1966م، ثم عاد بعد ذلك للعمل مُحرراً أدبياً في جريدة «الاتحاد» وأميناً عاماً تحرير جريدة «الجديد» ثم رئيس تحريرها، وأسس منشورات «عربسك» في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدار فيما بعد «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا، عمل رئيس اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما، ورئيس تحرير الفصلية الثقافية «إضاءات»، وكان رئيس التحرير الفخري لصحيفة «كل العرب» الصادرة في الناصرة حتى وفاته.
صدر له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرت أعماله الناجزة في سبعة مجلدات عن دور نشر عدة في القدس وبيروت والقاهرة، تُرجِمَ عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والاسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات، فنال جائزة «غار الشعر» من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وحصل على جائزة البابطين من مؤسسة عبد العزيز سعود، كما حصل مرّتين على «وسام القدس للثقافة» من الرئيس ياسر عرفات، وحصل على جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة «السلام» من واحة السلام، وجائزة «الشعر»الفلسطينية، رغم شهرة «سميح» الواسعة فى الشعر، باعتباره أحد كبار شعراء المقاومة فى فلسطين، لكن كانت له تجاربه في السرد.
حيث كتب روايتين، وظل يكتب الشعر، هما:»إلى الجحيم أيها الليلك» قدم لنا من خلالها الحكاية التكوينية للقضية الفلسطينية، وقد كانت الفكرة هى العنصر السائد في هذه الحكاية، فالفكرة هي أبرز عنصر يسيطر على القارئ عند قراءته لهذا النص.
توفي الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بتاريخ19آب 2014 عن عمر ناهز 75 عاماً بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وقد وصفه الكثير من أصدقائه وأحبائه بأنه الرجل الشامخ الذي كرّس جلّ حياته مدافعاً عن الحق والعدل والأرض .