الثورة – أنا عزيز الخضر:
كثيرة هي الأعمال الإبداعية، التي تعتمد على الجنون كحالة انفجار، ترفض ما يحدث واقعياً، فهي جسدت على الدوام المعادل الدرامي في الإبداع، حيث تمثل الجواب المنطقي والرد لما يحدث أحياناً في الواقع، وذلك بكونه أقسى من أن يتحمله بشر.. هذا ما ترجمه بالضبط عرض “سلم الجنون” من إخراج “محمد تلاوي” بعد إعداده عن نص لعبد الكريم حلاق، والنص يسلط الضوء على قضية اجتماعية وأخلاقية وإنسانية من خلال شخصية مونودرامية مرهفة الحس، تهوى الموسيقا والغناء.
أما الشخصية تعود لموظف في شركة، يعمل بجد وإخلاص، عصامي لا يقبل الرشوة وهو ملتزم، لكن ذنبه أنه وقع بين أنياب الفاسدين، الذين حاولوا أن يكون شريكاً لهم، وتتبدل المواد بعلمه وتدبيره، لكنه أبى، فزوروا توقيعه، وتتجه أصابع الاتهام نحوه ليتخلصوا منه، فكان مصيره السجن..
حول العرض تحدث المخرج “محمد تلاوي” قائلاً: للشخصية عالمها وتفاصيلها وأداؤها، فقد حاول كثيراً أن يبرر ويثبت براءته، ولكن الأدلة التي حاكها أولئك اللصوص كانت تقول بأنه المذنب، فجن جنونه، وصرخ بأعلى صوته بأنه مظلوم، ولكن ما من أحد سمع صراخه، وصرخ حتى وصل لحالة الجنون، التي انفجرت معها انفعالاته وأحاسيسه ومصطلحاته الموسيقية، التي كان يعزفها بالكلمات بين الألم والضحك والهستريا، فزوجته تركته وابنه طُرد من عمله.. وقد خرج من السجن مجنوناً، يستعيد حكايته بين الناس، يغني بصوته كلمات، تعبر عما بداخله بشكل جنوني… تارة وتارة تملؤها الدموع…
وكان أداء الممثل” أسامة عثمان” متميزاً في إيصال هذه المشاعر للجمهور، الذي تابع وتأثر…
أما عن إخراج العمل قال: المخرج يجب أن يبدع في خلق حياة للنص، ويبدع في خياله وبالحلول الإخراجية كي يتعمق في رسائل النص بكل تفاصيله، ويتفنن في جماليات الحركة والموسيقا والديكور إبداعاً ورؤية، لتصل الرسالة من الخشبة إلى الجمهور ويعيشها، فتكون جزءاً منه وأضاف المخرج قائلاً: من أراد أن يعمل في مجال المونودراما، عليه أن يتعلم الكثير، وأن يمتلك خيالاً واسعاً، ويقرأ كثيراً، فالنص الأدبي شيء، والإخراج شيء آخر، الإخراج هو إحياء النص بكل عناصره، فالممثل هنا يعيش حياة الشخصية بكل التفاصيل، وإلا فهو مجرد شخص يقرأ نصاً على الخشبة، وأخيراً أقول الإخراج إبداع فكري، وخيال متجدد يملأ الخشبة روعة وجمالاً.