الثورة _ سهيلة إسماعيل:
تتربع قلعة الحصن فوق قمة جبل مطل على بلدة الحصن وقرى وادي النضارة الأخرى في ريف حمص الغربي. ويعتبر الجبل امتداداً لسلسلة جبال الساحل ويرتفع عن سطح البحر 750كم وعلى بعد60 كم عن مدينة حمص. لتبقى شاهدة على تاريخ سورية العريق وحضارتها الممتدة منذ آلاف السنين، وتذكر كتب التاريخ معلومات كثيرة تخص القلعة؛ فهي لم تُبنَ دفعة واحدة، بل تم توسيعها غير مرة، وحتى إنها سميت بأكثر من اسم:»حصن السفح، حصن الأكراد، حصن الفرسان وقلعة الحصن» ويعود بداية تاريخ بناء القلعة إلى عصر الدولة المرداسية.
وقد تناوبت عليها عدة حقب ومماليك، حيث حررها نور الدين زنكي مرتين بعد معارك مع الصليبيين في سهل البقيعة أسفل القلعة. وتعرضت القلعة لعدة زلازل أدى أحدها إلى انهيار سورها وتم ترميمه، وحين حررها الملك الظاهر بيبرس، وكانت تستخدم كحصن لمهاجمة المدن العربية، عام 1271 م رمم ما خربه الزلزال الثالث الذي تعرضت له القلعة وبنى برجين إضافيين من الجهة الجنوبية.
وتعتبر القلعة من القلاع الكبيرة والجميلة ليس في سورية فقط بل في العالم كله. إذ تمتد مع خندقها على مسافة 240 م من الشمال إلى الجنوب و170 م من الشرق إلى الغرب، وتقدر مساحتها بثلاثة هكتارات. ويتميز بناؤها الهندسي المحكم الذي يجمع بين حضارة الشرق والغرب بتناسق يُظهر التأثيرات المتبادلة في فنون العمارة العسكرية العربية الإسلامية والغربية، وقد بقيت القلعة مستخدمة في العصور الوسطى والحديثة حتى تم إخلاؤها عام 1934 لتكون موقعاً أثرياً وتاريخياً وسياحياً. وقد سجلت على لائحة التراث العالمي عام 2006.
وحديثاً تم بناء صرح للسيدة العذراء على قمة جبل في قرية الحواش بوادي النضارة – من قبل المغترب ميشيل خليل نكد – بارتفاع 60 متراً وتحته كنيسة وقاعدته محاطة بالورود الجميلة لتكون شفيعة لأهل الوادي ولسورية.
وفي كلمة له خلال التدشين الرسمي قال نكد: من الشرق سيأتيك نور العالم، ومن الشرق بدأت حضارة العالم وأولى الشرائع، وفيه اكتشف الإنسان قيمَ الحب والتضحية والفداء. ونحن اليوم مسؤولون عن الحفاظ على هذا الإرث وعن قيمنا ونظرتنا للحق والخير والجمال، ولولا الرجاء بالقيامة لكان الموت فقداً عظيماً، ولولا أن الوطن يسكننا ونسكنه لكانت كل البلدان أوطاننا، ولولا أن العذراء أعطت يسوع للعالم لكانت أكتافنا تئن تحت نير الخطيئة إلى اليوم. وأضاف أن العمل بإنجاز الصرح استمر عشر سنوات، ورافق الإنجاز الكثير من الصعوبات التي تم التغلب عليها بهدف تحقيق الغاية منه وهي تنشيط الحركة السياحية الدينية، وليكون الصرح معلماً سياحياً يقصده الزوار من داخل سورية وخارجها.
وعن بناء الصرح قال مدير المشروع المهندس شفيق درويش: بدأنا العمل بمشروع الصرح منذ العام 2014 وقد تخطينا كل الصعوبات ليصبح الصرح أيقونة من أيقونات سورية الجميلة، والتمثال مصنوع من هيكل معدني بمقاطع سميكة من الحديد ومادته الأساسية الريزين مع الفايبر، وسيمنح الصرح قيمة مضافة للسياحة الدينية ولا سيما أنه بني مع الكنيسة وقاعة التذكارات بطريقة معمارية حديثة راعت كل التفاصيل، وتم إنجازه بأيد محلية خبيرة.