الثورة – يمن سليمان عباس:
ثمة أصوات إبداعية عالمية لا يمكن أن يطويها الزمن لأنها ضمير العالم الحقيقي.
ومن هؤلاء غونتر الألماني العالمي الذي هز بقوة مواقفه إمبرطوريات الشر، ولاسيما في إدانته العدوان الصهيوني الدائم على الشعب العربي الفلسطيني مما جر عليه الكثير من المواقف.
مجلة جسور السورية اختارت مجموعة من إبداعه نقدم باقة منها ترجمتها ثراء الرومي:
قبل فوات الأوان
لا تدع أحدا يقول: بحكم العادة المتوارثة
لم أكن ادري
لن يكون هناك أحد بين الفاضلين الصامتين
من ها عن العيوب.
لا يمكن لمن يلتزم الصمت طوال الأسبوع
أن يتوخى تبرئة أمام الكاهن
كفانا بناء نصب تذكاري تلو الآخر
لضحايا عاملاها برعونة
ما من أحد سيواجه مرآته
دون أن تلقي بالعلوم عليه.
خزي آنية الزهور
متجذر في ماضيها.
مرثيتي تخطها أغصان الشبت العطرية
تذكروني وانتم تتناولون سمك القد المسلوق.
اكتبوا مرثيتي بغصون من الشبت الغض
وأنتم تنتهون من إعداد طبق غداء
لضيوفكم.
تذكروني
حين تقطعون الخيار المخلل لتدعموا الوجبة
هو ملح عذاباتي ومرارة الخل في ارضي
الزوجة التي ما كان لزواج عرفي أن يجعلها فاضلة
تذكروا وصفاتي الفريدة المطهوة لأجلكم
في أيام لم يكن فيها سعر السمك الطازج من بحر البلطيق
ينوء به جيب شاعر
في زمن لم يحمل نبوءة تضور الفنانين جوعاً
اذكروني في البياض الخلاوي في عيون السمك
تذكروا أنفسكم شأن أب الشعراء اوبيتز:
تذكروا جبينكم المحموم وصفحاتكم الفارغة
بلاءان شفاهما طهوي
بينما يدور بين ضيوفكم حديث قصير متوتر
مدحرجين ذيول القريدس التزيينية بين أصابعهم
تذكروني
واستشعروا رجع صداي حين يجوب
عبر مروحة تزيينية مصنوعة من القشور
يمر عبر أيديهم ويطل من أفواه هم حديث
عن شجونهم الذكورية عن هلعهم
على الشبان
يحثونهم متلهفين لتولي مقاليد السياسة
تدكروا السوء الذي عوملت به
عبر كل نوايا البشر الحسنة
حين تستعملون ملعقة مسطحة تماما كما أمليت عليكم
حين كنت لا أزال سيد هذا المطبخ
حين تنزعون أشواك السمكة
وعظامها
تحسسوا رجع صداي ثانية عند مرفقكم
يتحقق من أن الطبق اعد تماما
كما علمتكم
بل طهوتموني في داخله
يتحقق إنكم تتذكروني
في وقفتكم أمام مقلاة التبخير
حين تمضون بالوجبة إلى الطاولة
تأكدوا أن ضيوفكم كفوا عن حديث السياسة
إذا امتلكوا متسعاً وافياً من الوقت
ليجادلوا منصاتهم المراهقة وأنت تطبخ
أديروا دفة الحديث نحو الفن أو تناول ارتفاع أسعار سمك القد
فما كان سلعة دائمة للعامل بات ترف نهاية الأسبوع
يدخر لحفلات الغداء
ذكروهم أنهم يعيشون في الزمن المستعار
مدينين للتطور والفتوحات العلمية
في نهاية المطاف اوبيتز كان قد أجهز عليه الطاعون
في مثل سنكم
تحسسوا وقع صداي وأنا أشاهدكم جميعاً
تراجعون دفاتركم القديمة
وما أنجزتموه طوال حياتكم.
وفي الرواية
نالت روايته طبل الصفيح شهرة عالمية كبيرة وترجم هذا العمل الأدبي إلى لغات عالمية كثيرة من بينها العربية أيضا. وهذه الرواية هي جزء من ثلاثيته المعروفة بـ “ثلاثية داينتسيغ” وتضم أيضا الروايتين “القط والفأر” و”سنوات الكلاب” (1963) ومن رواياته المشهورة هناك أيضا «مئويتي» (1999) و«مشية السرطان».
حصل غراس في سنة 1999 على جائزة نوبل للآداب عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصا في ثلاثيته الشهيرة «ثلاثية داينتسيغ» بالإضافة إلى جوائز محلية كثيرة منها جائزة كارل فون اوسيتسكي سنة 1967 وجائزة الأدب من قبل مجمع بافاريا للعلوم والفنون سنة 1994. وفي سنة 2005 حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة برلين.
ما ينبغي أن يقال: تعرض في نيسان 2012 إلى موجة انتقادات بعد نشره لقصيدة نثرية بعنوان «ما ينبغي أن يقال» بالألمانية قال فيها أن إسرائيل من خلال عدوانها تمثل تهديداً للسلام العالمي، ولدرء هذا التحديد يجب التكلم الآن، وأنه سئم من نفاق الغرب فيما يتعلق بإسرائيل، وأهوال النازية ليست ذريعة للصمت، وانتقد بلده ألمانيا على بيع غواصات يمكن تجهيزها بأسلحة نووية إلى إسرائيل، وشنت وسائل الإعلام الألمانية، مثل دي فيلت ودير شبيغل، حملة عليه تتهمه بمعاداة السامية.